الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

القندس مهندس السّدود

القندس مهندس السّدود

یعتبر هذا الحیوان مهندسا بارعا وبناّء ماهرا فی نفس الوقت حیث ینشئ عشه بمهارة فائقة وبنفس المهارة ینشئ سدّا منیعا أمام عشّه لیحمیه من تأثیر الماء الجاری، وهو یبذل جهدا خارقا وعلى مدى عدة مراحل لإنجاز هذا العمل المرهق. وفی المرحلة الأولى یقوم بتجمیع کمّ هائل من أغصان الأشجار حیث یستخدمها فی التغذیة وبناء عشه والسد الذی أمامه، ولهذا یقوم هذا الحیوان بقرض الأشجار المتوفرة بأسنانه لقطعها وأثبتت الأبحاث العلمیة أنه یقوم بحسابات دقیقة عند عملیة القطع. ویفضل هذا الحیوان العمل على ضفة المیاه التی تهب علیها الریاح وهکذا تقوم المیاه بمساعدة هذا الحیوان فی سحبه الأغصان التی یقطعها باتجاهه عشه .

ویتمیز عش هذا الحیوان بتخطیط بارع إذ یحتوی على مدخلین سفلیین تحت سطح الماء ومکان خاص فوق سطح الماء للتغذیة وفوق هذا المکان یوجد مکان خاص للنوم إضافة إلى قناة خاصة لتهوئة هذا المکان . ویقوم القندس بتجمیع الأغصان واحدا فوق الآخر لتشکیل الهیکل الخارجی للعش بعنایة کبیرة فلا یترک فیه أیة فجوة أو ثقب ویستخدم فی هذا العمل الأغصان الصغیرة مع کمیة من الطین .

والمواد التی یستخدمها القندس فی بناء عشه تساعد على تماسکه من جهة والحفاظ على درجة الحرارة داخله من جهة أخرى, فبالرغم من انخفاض درجة الحرارة فی الشتاء إلى 35 درجة تحت الصفر فإن الحرارة داخل العش تبقى فوق الصفر باستمرار ویقوم القندس أیضا بإنشاء مخزن للأغذیة تحت العش یتغذى منه طیلة فصل الشتاء. وفی تلک الأثناء یقوم القندس بإنشاء قنوات تحتیة على شکل شبکة, و یبلغ عرض هذه القنوات متران یستطیع هذا الحیوان بواسطتها أن یصل إلى الیابسة حیث توجد الأشجار التی یتغذى علیها.

والسدود التی یبنیها القندس تتألف من النباتات والأحجار التی یرکمها فوق بعضها البعض بنفس الطریقة یبنی بها العش. ویبذل هذا الحیوان جهده فی رص الأغصان على شکل مثلث طویل یربط بین ضفتی المیاه إضافة إلى عمله الدؤوب فی رتق الفجوات الموجودة فی السد عبر ملئها بالمواد اللازمة, وکلّ هذا یحدث وهو یسبح ضد تیار الماء ویمتطی کومة عشه فی الوقت نفسه. وعند حدوث أیة فجوة أو خلل فی بناء السد یقوم القندس باستخدام الطین أو أغصان الأشجار لملئه ثانیة، وهکذا یتحول السد إلى نوع من الحوض العمیق یستطیع من خلاله القندس أن یجعل من عشه مخبأ کبیرا للأغذیة والمؤونة تساعده على الحیاة طیلة فصل الشتاء، ویستطیع القندس أن یوسع من المساحة المائیة داخل العش لنقل أکبر کمیة ممکنة من الغذاء والمواد اللازمة لبناء العش وترمیمه حتى أن هذا الأسلوب یجعل العش فی مأمن من الأعداء, وفی هذا یشبه عش القندس قلعة محاطة بخنادق الدفاع یصعب الهجوم علیها.

وفی ما تقدم لخصنا سلوک القندس کمثال على العقلانیة والتخطیط والحساب الدقیق فی کل مرحلة من المراحل ولکن لا یمکن لی أن أرجع هذه الصفات إلى القندس وحده بسبب افتقاده للعقل أو أی شیء یمت بصلة إلى العقل، إذن فما مصدر سلوک الحیوان؟ ولابد من وجود إجابة عن هذا السؤال، وإذا کان هذا السلوک لیس من اکتساب القندس فما مصدر هذا السلوک ؟

لا شک أن مصدر سلوک القندس أو الأمثلة الأخرى التی سنراها فی الصفحات القادمة من سلوک الحیوانات المختلفة على هذا الشکل المتمیز وفق تخطیط مدروس هو الله القادر على کلّ شیء الّذی لا حدّ لقدرته و علمه فهو الذی یلهم هذه الکائنات الحیة ویأمرها فتبارک الله أحسن الخالقین.

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد