الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الحیاة تنشأ من الحیاة

الحیاة تنشأ من الحیاة

لم یتحدث داروین فی کتابه عن أصل الحیاة أبدا ، لأن الفکرة السائدة فی تلک المرحلة کانت تدور حول تشکل الکائنات الحیة من وحدات بنائیة بسیطة ، والنظریة المتواترة من القرون الوسطى کانت حاکمة على عقول العلماء وتتلخص بـ" الجیل الناشئ تلقائیا " أو أن المواد غیر الحیة تجمعت ونشأ منها هذا التجمع کائنا حیا ، حتى أن البعض أو أغلب المفکرین کان یظن أن الحشرات تنشأ من فضلات الأکل أو فتات المائدة والفئران تنشأ من القمح ، وأجریت تجارب غریبة من نوعها لإثبات هذه النظریات . حتى أن البعض ذهب بعیدا فی خیاله العلمی ظانا أن وضع حفنة من القمح على قطعة قماش مهترئة و الانتظار قلیلا یؤدی إلى خروج فئران جدیدة إلى الوجود . والدلیل الآخر الذی استند علیه المفکرون فی تصدیقهم لفکرة النشوء الحی من غیر الحی رؤیتهم الدود یغزو اللحم المتعفن ، ولکن اتضح فیما بعد أن هذا الدود لا یظهر من تلقاء نفسه بل ینقل إلى اللحم بواسطة الذباب الذی یحط على اللحم حاملا معه یرقات هذا الدود التی لا ترى بالعین المجردة .

أما الفترة التی ظهر فیها کتاب "أصل الأنواع" لداروین فقد کانت هناک فکرة سائدة فی أوساط العلماء تفید بأن البکتیریا تنشأ من مواد غیر حیة .

وبعد نشر الکتاب بخمس سنین أثبت الکیمیاوی الفرنسی لویس باستیر بطلان هذا الإعتقاد ، فقد کتب هذا الباحث المشهور بعد تجارب عدیدة وبحوث مطولة مایلی : " ثبت بالتأکید بطلان النظریة القائلة بنشوء المواد غیر الحیة " (140).

وناهض المؤمنون بنظریة " التطور " نتئج أبحاث باستر لمدة طویلة ، وبمرور الزمن تقدم العلم کثیرا وأثبت أن الخلیة ذات بناء مرکب ذو تفصیلات عدیدة لایمکن لها أن تنشأ من تلقاء ذاتها أبدا .

الجهود المبذولة طیلة القرن العشرین دون جدوى

کان عالم الأحیاء الروسی الکسندر أوبارین أول من تناول قضیة أصل الحیاة فی القرن العشرین وحاول أوبارین فی الثلاثینات أن یثبت نشوء الخلیة الحیة بالصدفة عن طریق إجراء تجارب عدیدة

ولکن هذه التجارب باءت بالفشل واضطر أن یعترف فی النهایة قائلا : " للأسف الشدید إنّ أصل الخلیة الحیة یعتبر نقطة سوداء تبتلع النظریة بکافة تفاصیلها " (141).

ودأب العلماء من المؤمنین بهذه النظریة والذین قدموا بعد أویارین على إجراء التجارب لإثبات مصدر الحیاة ، وأشهر هذه التجارب هی التی أجریت من قبل العالم الأمیرکی ستانلی میللر سنة 1953، حیث استطاع تحضیر بعض الأحماض الأمینیة والتی تدخل فی ترکیب البروتینیات عن طریق إعطاء شحنة کهربائیة لخلیط من الغازات التی افترض أنها کانت توجد فی الغلاف الجوی للأرض فی الأزمنة الأولى .

وثبت فی السنوات اللاحقة أن هذه الغازات لم تشکل مکونات الغلاف جوی فی الأزمنة الغابرة أو بمعنى آخر لم تکن بالنسب التی افترضها العالم وبذلک سقطة هذه التجربة من الاهتمامات العلماء بعد أن کانت ولبرهة قصیرة کطریق لإثبات صحة النظریة (142).

وبعد فترة صمت لیست بالقصیرة اعترف میللر بنفسه بأن الغازات التی استخدمها فی التجربة لم تکن متطابقة مع الحقیقة (143).

وباءت جمیع تجارب دعاة التطور لإثبات أو تفسیر أصل الحیاة بالفشل الذریع طیلة سنوات القرن العشرین . وکتب جیفری بادا الباحث فی علم الکیمیاء الجیولوجیة والذی یعمل فی معهد سان دییغوسکریبس مقالا فی مجلة " الأرض-ایرث" التی تعتبر منبرا لنظریة التطور وتاریخ المقال سنة 1998 یتحدث فیه عن هذه الحقیقة " ونحن إذ تخطینا القرن العشرین مازلنا نواجه نفس ما واجهناه فی بدایة هذا القرن من سؤال یبحث عن جواب ولکن دون جدوى وهو : کیف نشأت الحیاة على کوکب الأرض ؟ " (144).

یعتبر الترکیب المعقد لأبسط الکائنات الحیة السبب الرئیسی لمواجهة نظریة التطور مأزقا حرجا لا حل له على الإطلاق وفق فرضیاتها .وخلیة الکائن الحی أکثر تعقیدا من جمیع الاختراعات التقنیة التی توصل إلیها الإنسان .ولو تجمع أذکى العلماء فی أحسن المختبرات العلنیة لما استطاعوا إنتاج مواد حیة من مواد غیر حیة.

والشروط التی توجب ظهور خلیة حیة الى الوجود لا یمکن إسنادها الى الصدفة بأی حال من الأحوال .ولو فرضنا ان هناک نسبة احتمال معینة لبناء البروتین اللازم لترکیب الخلیة فتصبح هذه النسبة لبروتین یتکون من 500حامض أمینی بمقدار 1 إلى 10مرفوعة الى القوة 950.علما بان أیة نسبة احتمال اقل من 1 الى 10 مرفوعة الى القوة 50 تعتبر نسبة مستحیلة استنادا إلى المبادئ الریاضیات .

والخلیة الحیة تحتوی على النواة التی بدورها تحتوی على الـ AND أو جزئیة الحامض النووی دی اوکسی الرایوزی وهذه الجزئیة بنک المعلومات بالنسبة للخلیة .ولو حاولنا کتابة المعلومات الموجودة فی الـ AND الخاص بخلیة الإنسان لوجدنا أنفسنا مضطرین إلى تدوین 900مجلد وکل مجلد یتألف من 500 صفحة.

وفی هذه النقطة بالذات تواجه النظریة مشکلة مستعصیة أخرى :فکما هو معروف ان الحامض الـ ADNلا یمکن أن یتضاعف إلا بوجود بروتینات خاصة (أنزیمات) .ولا یمکن بناء هذه الأنزیمات إلا بما یناسب الشفرة الوراثیة الموجودة على جزئیة الـ AND .إذا لا یمکن لهذا الحمض أن یزدوج إلا بوجودهما معا وفی آن واحد .وهذه الحقیقة تتنافى مع فرضیة سیناریو ظهور الحیاة الى الوجود من تلقاء نفسها .

وکتب البروفیسور LESLIE ORGEL الباحث فی کلیة سان تیاقو بکالیفورنیا فی مقال له على صفحات المجلة العلمیة الأمریکیة بتاریخ أکتوبر سنة1994 عن هذه الحقیقة :

أن فرضیة وجود البروتینات (والتی هی جزئیات على درجة عالیة من التعقید ) والأحماض النوویة RNA-DNA فی نفس المکان والزمان بمحض الصدفة یعتبر احتمالا مستحیلا .وحتى لو لم یوجد أحدهما فان إیجاد الآخر أیضا من المستحیلات .لهذا السبب فعلى الإنسان أن یقتنع أن الحیاة لم تظهر نتیجة التفاعلات الکیماویة .وما دمنا أثبتنا أن من الاستحالة نشوء الحیاة بفعل العوامل الطبیعیة .فإذن هناک سبب خارج عن المقاییس لنشوء الحیاة .وهذا السبب بالذات یفند مزاعم نظریة التطور التی تعارض فکرة الخلق.

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد