الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

مقدمة

مقدمة

"وَمَا لَکُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنکَ وَلِیًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنکَ نَصِیرًا."؟ (سورة النساء: 75)

یندرج غالبیة الناس حول العالم تحت فئة المضطهدین. ذلک أنهم یتعرضون للتعذیب، وسفک الدماء، ویعیشون مشردین فی فقر مدقع، کما أنهم مجبرون على العیش دون حمایة من قوى الطبیعة، ویواجهون المرض دون الحصول على عنایة طبیة مناسبة. ویوجد أولئک الذین لا یستطیعون حتى أن یشتروا رغیف خبز. کما یوجد الشیوخ الذین یواجهون الإهمال، والهجر، والحرمان من العنایة الطبیة. ویوجد أیضا أولئک الذی یعانون من التمییز، والترحیل من منازلهم وأراضیهم بل وحتى المذابح لمجرد أنهم ینتمون لعرق، أو لغة، أو جنس، أو قبیلة معینة. أما بالنسبة للأطفال الأبریاء الذین لا یجدون من یحمیهم، والذین یعانون من سوء التغذیة، والذین لا حول لهم ولا قوة فیضطرون للعمل أو التسول من أجل الحصول على المال.

ویعیش عدد لا حصر له من الناس وهم خائفون على حیاتهم وقلقون من قدرتهم على البقاء على قید الحیاة وسط عالم، یوجد فیه أیضا إلى جانب الفقر والاضطهاد، قدر هائل من التبذیر، والامتیازات، والثراء. ویمر أولئک الذین ینعمون "بحیاة کریمة" بالمتشردین، ویرون صورا ویشاهدون مناظر فی التلیفزیون لمن هم أقل منهم حظا. وفی بعض الأحیان ینتابهم شعور بالشفقة للحظة خاطفة، ولکنهم سرعان ما یغیرون قناة التلیفزیون، ویطردون الصورة من ذهنهم، وخلال فترة قصیرة یمحون تماما تلک الوخزة العابرة التی أثرت فی ضمائرهم.

إن کثیرا ممن ینعمون بالرفاهیة وسبل الراحة لا یفکرون قط فی بذل جهد لإنقاذ من هم أقل حظا منهم من الظروف التی یعیشون فیها. فهم یعتقدون أن إنقاذ هؤلاء الناس لیس من واجبهم، لأن هناک کثیرین یفوقونهم ثراء وقوة ومکانة بإمکانهم أن یساعدوا من هم أقل حظا.

ومع ذلک، لن یکفی الرخاء والقوة وحدهما لإنقاذ الأقل حظا وتحویل هذا العالم إلى مکان خیر تسوده العدالة، والسلام، والثقة، والرفاهیة. وعلى الرغم من انتشار البلدان المتقدمة حول العالم، فما زال هناک الکثیر من البلدان أیضا، مثل إثیوبیا، التی لا یزال الناس یموتون فیها یومیا بسبب المجاعة. ومن الواضح أن ثراء بعض الأمم وقوتها لا یکفیان فی حد ذاتهما لحل آلام القحط، والفقر، والحروب الأهلیة.

لا شک فی أن أصحاب الضمائر الحیة هم وحدهم القادرون على توجیه الموارد والقوى لما فیه خیر الفقراء والیائسین. والسبیل الوحیدة لصحوة الضمائر هی الإیمان. ذلک أن المؤمنین وحدهم هم الذین یعیشون دائما وفقا لما تملیه علیهم ضمائرهم.

وأخیرا، لا یوجد سوى حل واحد للظلم، والفوضى، والإرهاب، والمذابح، والجوع، والفقر، والاضطهاد المنتشر فی العالم؛ وهذا الحل هو: خُلق القرآن وقیمه.

لقد نشأت تلک الظروف السیئة فی المقام الأول بسبب الکراهیة، والحقد، والأنانیة، واللامبالاة، والقسوة؛ لذلک ینبغی أن تمُحى بالحب، والشفقة، والرحمة، والکرم، والإیثار، ورقة الإحساس، والتسامح، والفطرة السلیمة، والحکمة. ولا تتوافر سمات الشفقة هذه إلا فی أولئک الذین یعیشون حیاتهم بأکملها وفقا للخلق التی تعلموها من القرآن الکریم، الذی یعتبر مرشدنا المباشر من خالقنا جل جلاله. ویشیر الله سبحانه وتعالى فی إحدى آیات الذکر الحکیم إلى قدرة القرآن على إخراج البشریة من الظلمات إلى النور.

"... قَدْ جَاءکُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَکِتَابٌ مُّبِینٌ. یَهْدِی بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَیُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَیَهْدِیهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِیمٍ." (سورة المائدة: 15-16)

وفی آیة أخرى، یبین الله سبحانه وتعالى أن الفساد والفوضى سیحلان بکل شیء إذا ما جاء الحق موافقا لأهواء البشر:

"وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِیهِنَّ بَلْ أَتَیْنَاهُم بِذِکْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِکْرِهِم مُّعْرِضُونَ." (سورة المؤمنون: 71)

أثناء قراءتک لهذه الآیة، سیکون ملایین الناس فی معاناة کبیرة اما من البرد والجوع، أو لمواجهتهم خطر الترحیل من أوطانهم. ولهذا السبب، یجب أن یفکر أصحاب الضمائر الحیة فی هذا الأمر، ویتخذوا إجراءات لحل هذه المشکلات وکأنهم هم أنفسهم أو أحبابهم الذین یواجهونها. کما یجب أن نتصرف على الصعیدین الروحی والمادی للتقلیل من المعاناة والاضطهاد. وفی إحدى آیات الذکر الحکیم، یأمر الله أصحاب الضمائر الحیة والمؤمنین بتحمل هذه المسؤولیة:

"وَمَا لَکُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْیَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنکَ وَلِیًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنکَ نَصِیرًا."؟ (سورة النساء: 75)

وعندما نتدبر الأوامر القرآنیة، تتضح لنا ماهیة التزاماتنا. ویتمثل أهم شیء بالنسبة للمسلمین فی أن یبدؤوا أولا النضال فی المیدان العقلی حتى تتغلب خلق القرآن والسنة وقیمها على قیم الکفر. وتتمثل السبیل الوحیدة لخلاص الضعفاء، والبائسین، والشریدین، والمعدمین فی تطبیق الإرشادات القرآنیة الموجهة إلى البشریة جمعاء. لذا، فإن من واجبنا أن ننشر کلمة الله ونبلغ رسالته، ویشکل هذا مکونا أساسیا من مکونات العبادة بالنسبة لجمیع المسلمین.

ویجب أن نذکّر بأن أولئک الذین لا یتبعون ما تملیه علیهم ضمائرهم، ولا یبالون بمعاناة الآخرین، وینفقون ثرواتهم على أشیاء تافهة عدیمة الجدوى، ولا یبدون اهتماما بالأیتام، وینظرون إلى النساء والأطفال والشیوخ المضطهدین بقدر من اللامبالاة، ولا یسعدون إلا عندما یسود العالم الفسوق والقبح، سوف یُسألون لا محالة عن تلک الأعمال فی الآخرة.

"أَرَأَیْتَ الَّذِی یُکَذِّبُ بِالدِّینِ. فَذَلِکَ الَّذِی یَدُعُّ الْیَتِیمَ. وَلَا یَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْکِینِ. فَوَیْلٌ لِّلْمُصَلِّینَ. الَّذِینَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِینَ هُمْ یُرَاؤُونَ. وَیَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ." (سورة الماعون: 1-7)

 

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد