الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الخاتــــــمة

الخاتــــــمة

بعد هذا العرض الموجز لأمثلة الکائنات الحیة المختلفة یتضح لنا أن هنالک قاسما مشترکا بین الأنماط السلوکیة التی تبدیها وهو التضحیة والرحمة والشفقة ، وکل منها یراعی صغیره ویدافع ویحمی عائلته أو أی حیوان آخر بأروع صورة ممکنة ، وکل منها یضرب لنا مثلا بالرحمة والمودة وبنفس الوقت یساعد بعضها البعض عند الخطر وفق سلوک عقلانی مدهش ، إضافة إلى تغذیة بعضها البعض بأسالیب ذکیة ، وتبنی هذه الحیوانات بیوتها ببراعة مهندس معماری حاذق ومهارة بنّاء خبیر .

وهناک نقطة مهمة للغایة ونؤکد علیها طیلة صفحات هذا الکتاب وهی : أن الحدیث یدور عن کائنات حیة منها الصغیر مثل الحشرات ومنها الطیور والضفادع ، وهل لنا أن ندعی أن هذه الکائنات الحیة التی لا تملک إلا ما یشبه المخ أو ما یقوم مقامه تخترع شیئا جدیدا أو تبتکر وسیلة ما ناجعة فی الحیاة ؟

وهل تعرف الطیور أو الحشرات کیفیة إبداء سلوک یتم بالرحمة والشفقة ؟

کیف لنا أن نفسر سلوک ذکر البطریق الملیء بالتضحیة والفداء من أجل سلامة أنثاه وأولاده ؟

لماذا ترمی الغزلان أو الحمیر الوحشیة بنفسها أمام الخطر المفترس کحاجز بینه وبین صغارها ؟

وهذه الأسئلة تعتبر معضلة کبیرة أمام نظریة "التطور" التی تدعی أن الأحیاء نشأ وآمن جراء الصدفة وحدها ومن أشیاء غیر حیة ، ویدعی دعاة "التطور" أن الأحیاء تسلک هذا السلوک نتیجة غرائزها .

وهذه الغرائز مودعة فی جیناتها وهذه الادعاءات تقودهم إلى مآزق فکریة لا مخرج لها ،لأن السؤال المنطقی الذی یعقب هذه الادعاءات هو : من الذی وضع أو برمج الغرائز فی هذه الجینات التی نتج عنها السلوک المتسم بالتضحیة والرحمة والشفقة ، والذی یقود الکائن الحی إلى بناء المساکن والأعشاش عن سابق معرفة ؟ کیف تشکلت هذه الأنماط السلوکیة داخل الجین المتألف من مواد غیر حیة کالکربون والفوسفات ؟

ولا یملک دعاة " التطور " أیة إجابة عن هذه الأسئلة ، وتنحصر إجابتهم فی ردود لا تقدم ولا تؤخر ولا تنفع إلا لذر الرماد فی العیون وتتمثل بکون هذه الخصائص أو الغرائز قد تم برمجتها فی الجینات عن طریق " الطبیعة الأم " ، وکثیرا ما نسمع منهم " أن الطبیعة هی التی أعطت للأحیاء خاصیة ورعایة الصغار " ولکن هذه الطبیعة تمتلک فعلا مثل هذه القدرة والطبیعة التی نتحدث عنها مخلوقة بدورها وتتألف من أشجار وأحجار وأنهار والجبال والمیاه والتراب ، یا ترى أی جزء من هذه الأجزاء یملک المقدرة على إکساب الکائنات الحیة أنماطا سلوکیة مختلفة ؟

وهذا الإدعاء الباطل من قبل هؤلاء قد تحدث عنه القرآن الکریم فی معرض إیراده لأمثلة الجاحدین والناکرین لقدرة الله تعالى وجعلهم الطبیعة ندا لله حاشاه ، والصحیح أن للطبیعة بدورها مخلوقة وتتألف من کائنات حیة وغیر مخلوقة ولا تملک الطبیعة أیة قدرة على الإکساب أو الخلق ، ویصف لنا القرآن حال الذین یصفون الأشیاء الضعیفة بالقوة والقدرة : " سورة الفرقان - الآیة 3 " قال تعالى :{ واتخذوا من دونه آلهة لا یخلقون شیئا وهم یخلقون ولا یملکون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا یملکون موتا ولا حیاة ولا نشورا } صدق الله العظیم .

ومن المستحیل قطعا أن یمتلک کائنا حی المقدرة والذکاء والمعرفة والمفاهیم المعنویة بتأثیر کائنات لا تملک عقلا ولا قوة وهذا الأمر یتنافى مع قواعد العقل والمنطق .

والحقیقة أمامنا ساطعة کالشمس وهی سلوک هذه الأحیاء هذا السلوک المتصف بالرحمة والشفقة والتفانی والتضحیة بتأثیر الإلهام من الله الرحمن الرحیم الذی وسع کرسیه کل شیئا رحمة وعلما .

وأن الأمثلة التی أوردناها فی هذا الکتاب دلیل على قوة ورحمة وقدرة الله تعالى على جعل هذه الکائنات تتبع هذا السلوک المتمیز ، فالطیر أو الغزال الذی یدافع عن صغیره ویذود عنه ویعمل جاهدا لتنشئته سلیما آمنا لا یفعل کل ذلک إلا بإلهام إلهی .

ورحمة الله التی وسعت کل شیء لا ترى أمثلتها فی الحیوانات فقط بل یمکن رؤیتها فی الإنسان أیضا لذلک فاللذین یتفکرون ویتمتعون فی أصل ومصدر الأشیاء لاشک سیصلون إلى النتیجة البدیهیة : " سورة هود - الآیة 57 " { فإن تولوا فقد أبلغتکم ما أرسلت به إلیکم و یستخلف ربی قوما غیرکم ولا تضرونه شیئا إنّ ربی على کل شیء حفیظ }

صدق الله العظیم .

" سورة المؤمنین - الآیة 118 " { وقل رب اغفر وارحم وأنت خیر الراحمین } صدق الله العظیم .

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد