الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

معالم التضحیة فی مستعمرة النمل

معالم التضحیة فی مستعمرة النمل

من أهم معالم المیزة لمستعمرة النمل المشارکة فی الغذاء . فإذا تقابلت نملتان وکانت إحداهما جائعة أو عطشى والأخرى تملک شیئا فی بلعومها لم یمضغ بعد فان الجائعة تطلب شیئا من الأخرى التی لا ترد الطلب أبدا وتشارکها فی الأکل والشرب .وتقوم النملات العاملات بتغذیة الیرقات بالغذاء الموجود فی بلعومها .وفی أغلب الأحیان تکون کریمة مع غیرها وبخیلة مع نفسها یشأن الغذاء131.

2. هناک توزیع فی أداء الواجبات ضمن المستعمرة الواحدة وکل نملة تؤدی ما علیها من واجب بکل تفانی وإخلاص .وإحدى هذه النملات هی البوابة او حارسة الباب .وهی المسؤولة عن السماح بدخول النمل من أبناء المستعمرة فقط ولا یسمح للغرباء بالدخول أبدا وتکون رؤوس هذه الحارسات بحجم بوابة المستعمرة فتستطیع أن تسد هذه البوابة برأسها. وتظل الحارسات طیلة الیوم یقمن بواجبهن وهو حراسة مدخل المستعمرة 132 لذلک فان أول من یجابه الخطر هؤلاء الحارسات.

3. لا تکتفی النملات بمشارکة أخواتها بالطعام الذی تحمله فی معدتها بل تقوم بتنبیه الباقیات الى وجد طعام أو کلإ فی مکامن ما صادفته .وهذا السلوک لا یحمل فی طیاته أی معنى للأنانیة. وأول نملة تکشف الغذاء تقوم بملء بلعومها منه ثم تعود الى المستعمرة .وفی طریق العودة تقوم بلمس الأرض بطرف بطنها تارکة مادة کیمیاویة معینة ولا تکتفی بذلک بل تتجول فی أنحاء المستعمرة بسرعة ملحوظة ثلاث او ستة مرات وهذه الجولة تکفی لإخبار باقی أفراد المستعمرة بالکنز الذی وجدته .وعند عودة النملة المکتشفة إلى مصدر الغذاء یتبعها طابور طویل من أفراد المستعمرة.

4.هناک نمل یدعى قطاع الورق تکون عاملاته المتوسطة الطول مشغولات طیلة الیوم بحمل أجزاء الورقة النباتیة إلى المستعمرة .ولکنها تکون فی غایة الضعف عند حملها للورقة النباتیة خصوصا تجاه الذباب أو أبناء جنسه .ویترک الذباب بیضه على رأس هذا النمل .وتنمو یرقة هذا الذباب متغذیة من مخ هذه النملة وهو ما یؤدی الى موتها.وتکون عانلات هذا النوع من النمل فی غایة الضعف أمام سلوک هذا الذباب خصوصا عند حملهن للورقة النباتیة .ولکن هناک من یحمیهن من هجوم هذا الذباب وهم النمل الذین من نفس المستعمرة وقصیری القمة یقومون بوظیفة حراسة العاملات بواسطة جلوسهم فوق الورقة النباتیة وعلى أهبة الاستعداد لرد أی هجوم من الذباب على أعقابه133.

هناک نوع من النمل یدعى نمل العسل وسبب هذه التسمیة أنها تتغذى على فضلات بعض الحشرات المتطفلة على الأوراق النباتیة وتکون فضلات هذه الحشرات غنیة بالمواد السکریة. وتحمل هذه النملات ما مصته من فضلات سکریة إلى مستعمرتها و تخزنها فی أسلوب عجیب وغریب .لان البعض من هذه النملات العاملات یستخدم جسمه کمخزن للماد السکریة .وتقوم العاملات اللاتی حملن المواد السکریة بتفریغ حمولتهن داخل أفواه العاملات او-المخازن الحیة-والتی بدورها تملأ الأجزاء السفلیة من بطونها بهذا السکر حتى تنتفخ بطونها ویصبح حجمها فی بعض الأحیان بحجم حبة العنب .ویوجد من هذه العاملات فی کل غرفة من غرف الخلیة عددا منهن یتراوح بین 25و30نملة ملتصقات بواسطة سیقانهن بسقف الغرفة فی وضع مقلوب .ولو تعرضت إحداهن للسقوط تسارع العاملات الأخریات إلى إلصاقها من جدید .والمحلول السکری الذی تحمله کل نملة یکون أثقل بثمانی مرات من وزن النملة نفسها.وفی موسم الجفاف أو الشتاء تقوم باقی النملات بزیادة هذه المخازن الحیة لأخذ احتیاجاتها من الغذاء - السکر - الیومی .حیث تلصق النملة الجائعة فمها بفم النملة المنتفخة وعندئذ تقوم الأخیرة بتقلیص بطنها لإخراج قطرة واحدة الى فم أختها .ومن المستحیل ان یقوم النمل بتطویر هذه المخازن وابتکارها بهذه الطریقة العجیبة ومن تلقاء نفسها .واضافة الى ذلک التفانی والتضحیة التی تتسم بها النملة المنتفخة حیث تحمل ما هو أقل من وزنها ثمانی مرات فضلا عن بقائها ملتصقة وبالمقلوب مدة طویلة جدا ودون مقابل. وان هذا الأسلوب المبتکر وفقا لبنیة تلک النملة لیس من الصدفة وحدها .لأن هناک نمل متطوع أن یصبح مخزنا حیا فی کل جیل جدید وطیلة أجیال سابقة ولاحقة .بلا شک أن سلوکها هذا من تأثیر الإلهام الإلهی الذی خلقهن وسواهن عز وجل .

6.هناک أسلوب للدفاع عن المستعمرة یتبعه النمل أحیانا وهو الهجوم على العدو والتضحیة حتى الموت.وتوجد أشکال عدیدة لهذا الهجوم الانتحاری .منها الأسلوب الذی یتبعه النمل الذی یعیش فی الغابات المطریة فی مالیزیا فجسم هذا النوع من النمل یتمیز بوجود غدة سمیة تمتد من رأس النمل حتى مؤخرة جسمه.وان حدث أن حوصرت النملة من کل جهة تقوم بتقلیص عضلات بطنها بشدة تکفی لتفجیر هذه الغدة بما فیها من السم بوجه أعدائها ولکن النتیجة موتها بالطبع 134.

7.یقدم ذکر النمل ومثله الأنثى تضحیة کبیرة فی سبیل التکاثر .فالذکر المجنح یموت بعد فترة قصیرة من التزاوج .أما الأنثى فتبحث عن مکان مناسب لإنشاء المستعمرة وعندما تجد هذا المکان فان أول عمل تقوم به هو التخلی عن أجنحتها .وبعد ذلک تسد مدخل المکان وتظل کامنة داخله لأسابیع وحتى الشهور دون أکل أو شرب .وتبدأ بوضع البیض باعتبارها ملکة المستعمرة .وتتغذى فی هذه الفترة على جناحیها الذین تخلت عنهما .وتغذی أول الیرقات بإفرازاتها هی وهذه الفترة تعتبر الوحیدة بالنسبة للملکة التی تعمل فیها لوحدا بهذا الجهد والتفانی وهکذا تبدأ الحیاة بالمستعمرة

8.إذا حدث هجوم مفاجئ من قبل الأعداء على المستعمرة تقوم العملات ببذل ما بوسعهن للحفاظ على حیاة الصغار . ویبدأ النمل المقاتل بالتحرک صوب الجهة التی هجم منها العدو ومجابهته فورا. أما العاملات فتسرع نحو الغرف التی توجد فیها الیرقات لتحملها بواسطة فکوکها إلى مکان معین خارج المستعمرة لحین انتهاء المعرکة 133 والمتوقع من حیوان کالنمل فی مثل هذا الموقف العصیب أن هذا الموقف العصیب أن یفر هاربا ویختفی فیه عن انظار الأعداء ، ولکن الذی یجری فی المستعمرة غایة فی التضحیة والتفانی من أجل سلامة المستعمرة, فلا النّمل المقاتل ولاحراس البوابة ولا العاملات یفکرون فی أنفسهم فقط، فالکلّ یفکّر فی المستعمرة بأکملها، وهذا دیدن النّمل منذ ملایین السنین.

و بلا شک فإنّ الأمثلة سالفة الذّکر تعتبر أمثلة محیرة من عالم الأحیاء, والمحیر فیها أنّ هذه الأنماط السّلوکیة صادرة عن کائنات حیّة صغیرة کالنمل و هو ما یصادفه الإنسان فی حیاته الیومیة دون أن یشعر بتفاصیل حیاة هذا المخلوق. ولو دققنا فی هذه التفاصیل لوجدنا أمورا عجیبة وغریبة تجبرنا على التفکیر برویة فی ماهیتها لأن هذه الحیوانات تمتاز بوجود جهاز عصبی دقیق للغایة ومخّ محدود الحجم والارتباطات العصبیة مع هذا تقوم بسلوکیات لا یمکن القول عنها إلاّ أنها شعوریة محض، والسبب کونها منفذة مطیعة لما أمرت به أن تنفذه منذ ملایین السنین دون فوضى أو إهمال أو تقصیر، وما هذا الأمر المنفذ بحذافیره إلا إلهام إلهی من الخلاق العلیم جل جلاله. وهذا الانقیاد التام من الکائنات الحیة للخالق عز وجل یصوّر من قبل القرآن کما یلی :

: { أفغیر دین الله یبغون وله أسلم من فی السموات والأرض طوعا وکرها وإلیه یرجعون } سورة آل عمران - الآیة 83

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد