الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

نقل الکائنات الحیّة لصغارها

نقل الکائنات الحیّة لصغارها

عموما یکون الصّغار مخلوقات ضعیفة قلیلة الحرکة لذا فإنّها تنقل من قبل الأبوین من مکان إلى آخر عند الخطر أو غیره, ولکلّ کائن حیّ طریقته الخاصّة فی نقل صغاره, فبعضها تحمل صغارها على ظهورها وبعضها فی فمها والبعض الآخر فی تجاویف کیسیه فی جناحیه, وفی جمیع الحالات یکون الصّغار فی مأمن وینقلون إلى مکان آمن وسلیم. ولعلّ نقل الصّغار من قبل الأبوین فی حالة الخطر یعتبر مثالا جیّدا على التّضحیة من أجل الضعیف لأنّ حمل الصّغیر ونقله یؤدّی إلى التّقلیل من قدرة الأبوین على المناورة. وبالرّغم من جمیع المخاطر یستمرّ الأبوان فی الدّفاع عن الصّغیر. والأسلوب الشّائع بین الأحیاء لحمل الصّغیر هو الحمل على الظهر، و المثال الجیّد على ذلک هی القرود التی تحمل صغارها أینما تشاء فوق ظهورها، فأنثى القرد تستطیع الحرکة بحریّة وهی تحمل صغیرها على ظهرها لأنّ القرد الصغیر یتمسک جیّدا بأمّه من خلال إمساکه بالشّعر الکثیف الذی یغطی جسم الأم. وعند إحساسها بالخطر تتعلّق بالأشجار بسهولة بالرّغم حتّى و إن کان ولیدها على ظهرها. و تستطیع أن تقفز من شجرة إلى أخرى. ومثال آخر هو حیوان الکنغر فأنثاه مثل باقی اللّبائن الکیسیّة تحمل ولیدها فی کیس مغطّى بشعر کثیف یقع أسفل بطنها. ویظل الکنغر الصغیر فی هذا الکیس حوالی خمسة أشهر وعند خروجه من هذا الکیس یظلّ یلعب قریبا من أمّه, وعند إحساسه بأیّ خطر أو شیء غریب یرجع مسرعا إلى هذا الکیس. وتستطیع الأنثى أن تقفز بخطوات کبیرة مسرعة بالرّغم من أنّ صغیرها یکون محمولا بواسطة أرجلها الخلفیّة القویّة.

وکذلک الناجب فهی تحمل صغارها ولکن بأسنانها من بطن صغیرها المتدلیة. و ینقل هذا الحیوان صغاره عندما تشعر الأنثى بالخطر ووجوب تغییر مکان المسکن, وتظلّ تحمل أولادها واحدا تلو الآخر إلى المکان الجدید. وعند اکتمال عملیة النقل ترجع إلى المکان القدیم للتأکّد من أنّ أحدا من أبنائها لم یتخلف. و بالنّسبة إلىصغار الفئران فإنّها تظلّ ملتصقة بحلمة ثدی الأمّ لساعات طوال. وعندما تحسّ الأمّ بالخطر تبدأ فی الهرب ساحبة أولادها بین أرجلها نتیجة التصاقهم الشّدید بحلمة الثدی. وعند اکتمال عملیّة النّقل ترجع إلى المکان القدیم لتتأکّد من کون أحد من صغارها لم تخلف.

وتتمیّز الخفافیش بأنّها تطیر اللّیل کلّه بحثا عن الغذاء الذی یکون إمّا فاکهة أو حشرات, وهی تحمل صغارها معها أثناء طیرانها, و یکون الخفّاش الجدید ماسکا بمخالبه شعر أمّه وزارعا أنیابه اللبنیّة بقوة فی ثدیها. وتحمل طیور "دجاج الماء" و "حدأة المستنقعات" إضافة إلى طیر ذو الرأس الأسود ba?tankara صغارها بمناقیرها عند الانتقال من مکان إلى مکان آخر. أمّا الصّقر ذو الذّنب الأحمر فیحمل صغاره بمخالبه بنفس الطّریقة التی یحمل بها الفریسة بعد أن یصطادها. وتحمل الطّیور الغواصّة صغارها على ظهورها وعند إحساسها بالخطر تغوص فی الماء سابحة بینما یظل صغرها على ظهرها. أمّا الضّفادع فتحمل صغارها أو بیضها على ظهورها, فالضّفادع البرّیة والاستوائیّة تستطیع أن تقفز وصغارها على ظهورها وأن تتنقل إلى المکان الذی تراه مناسبا. والمثال الأغرب هو بعض أنواع السمک الذی یحمل صغاره فی فمه أثناء نقلهم إلى مکان آمن ، فالسمک الشوکی یظل ذکره یحوم حول العش الذی بناه بین الأعشاب المائیة حراسة له وإن حدث أن ابتعد أحد الصغار الخارجین حدیثا من البیض یلتقم الذکر هذا الصغیر الشارد فی فمه ویعیده إلى العش ثانیة.

وبالنسبة للنمل فتقوم العاملات بحمل البیض والیرقات من غرفة إلى أخرى داخل الخلیة بواسطة فمها ، حیث تقوم العاملات کل صباح بحمل الیرقات باتجاه ضوء الشمس من مکان لأخر فی قمة الخلیة ، وفی المساء تبدأ العاملات بحمل الیرقات إلى الأجزاء السفلیة من الخلیة والتی سخنت نتیجة ضوء النهار والحاویة على غرف خاصة لرعایة الیرقات ، وتکون مداخل هذه الغرف مقفلة لمنع دخول الهواء البارد فی اللیل وفی الصباح یتم فتحها لحمل الیرقات إلى قمة الخلیة مرة أخرى .

وإذا هوجمت الخلیة من قبل الأعداء فتفعل العاملات ما بوسعها من أجل حمایة الیرقات ،وقسم من النمل یبدأ هجومه على الأعداء فی المنطقة التی یتواجدون فیها والقسم الآخر یذهب إلى الغرف الخاصة التی تحتوی على الیرقات لحراستها من أی مکره حیث تقوم النحلة العاملة بأخذ الیرقة بین فکیها وتذهب بها إلى مکان بعید عن میدان المعرکة حتى ینجلی الموقف أو یخرج العدو من المستعمرة (107).

ومن هذا العرض للأمثلة المختلفة یتبین لنا أن الکائنات الحیة سواء کانت أسودا أو حشرات ضفادع کانت أو طیور فکلها تحمی صغارها بشکل أو بآخر بواسطة الحمل أو النقل إلى مکان أمین وهذا یعنی أنها ذات سلوک یتسم بالمخاطرة وتحمل المکاره من أجل الصغار ، إذن کیف یمکن لنا أن نفسر مصدر هذا السلوک ؟ ویتضح من الأمثلة السابقة أن الکائنات الحیة تتحمل مسؤولیة تنشئة صغارها حتى بلوغها مرحلة الاعتماد على النفس ، وحتى تلک الفترة فإنها تلبی کافة احتیاجاتها دون نقص أو کلل ، ونستطیع أن نشاهد أمثلة أخرى عدیدة غیر التی ذکرناها فی الطبیعة .

وتتجلى أمامنا الحقیقة مرة أخرى ، ألا وهی إن کافة الکائنات الحیة تحیا برحمة الله تعالى، حیث یلهمها عز وجل کل منها سلوکها وکیفیة معیشتها وهی تستجب لهذا الإلهام الإلهی ، وکل کائن حی یخضع وینقاد للإرادة الإلهیة حسب ما ورد فی القرآن الکریم :

قال الله تعالى : "و له من فی السماوات والأرض کل له قانتون " صدق الله العظیم. سورة الروم-الآیة 26

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد