الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

3-سقوط فکرة تطور الغرائز بتطور الأحیاء

3-سقوط فکرة تطور الغرائز بتطور الأحیاء

تدعی نظریة التطور بأن الکائنات قد نشأت عن بعضها البعض عبر التطور. ووفقا لهذه النظریة تکون الزواحف قد نشأت من الأسماک والطیور من الزواحف... ولکن یجب أن لا ننسى أن النوع الواحد یختلف تماما من حیث السلوک حیث تختلف السمکة عن الزواحف من حیث السلوک اختلافا کلیا. ویدور السؤال التالی: هل تعرض سلوک الکائن الحی إلى تطور کما تعرض بناؤه الحیوی البیولوجی الى تطور؟

وهذا التساؤل یعتبر أحد التناقضات والمآزق الفکریة التی وقع فیها دعاة نظریة التطور وقد وضع داروین إصبعه على هذا التناقض وتوصل الى استحالة اکتساب الغرائز بالانتخاب الطبیعی وتغیرها بالتطور حیث تساءل قائلا: هل من الممکن اکتساب الغرائز بالانتخاب الطبیعی وتطویرها وتغییرها فیما بعد ؟ ماذا یمکننا القول أمام بناء نحل العسل لخلیته بهذا الشکل الهندسی الذی سبق أخصّائیّی الریاضیات بزمن سحیق ماذا یمکننا القول أمام هذه الغریزة (14). وهذا التناقض یمکن إیراد الأمثلة المختلفة علیه من کافة أنواع الحیوانات کالأسماک والزواحف والطیور. فالأسماک لها صفات خاصة بها من حیث التکاثر والصید والدفاع عن النفس فضلا عن إنشاء منازلها بطریقتها الخاصة، وهذه الصفات الخاصة فی حالة تلائم تماما الوسط المائی الذی تعیش فیه. وهناک بعض الأنواع من الأسماک تقوم بلصق بیضها تحت الأحجار الموجودة فی قاع البحر وبعد لصقها لبیضها تقوم برفرفة زعانفها فوقها لتتیح أکبر کمیة من الأکسیجین اللازمة لتنفس الأجنة الموجودة داخل البیض.أمّا الطیور فتضع بیضها فی أعشاش ذات بناء خاص تبنیها لهذا الغرض وترقد على بیضها مدة زمنیة محددة لازمة لفقس البیض .

أما التماسیح والتی تعتبر حیوانات بریة فتملک سلوکا معاکسا تماما فتقوم بدفن بیضها تحت الرمال مدة شهرین کاملین لازمة لفقسها، وهناک بعض الأسماک تقوم بوضع بیضها داخل الأحجار الموجودة فی قاع البحر ومن جانب آخر هناک بعض الحیوانات البریة تقوم ببناء مساکنها على أطراف الأشجار العلیا باستخدام الأغصان وقشور الأشجار، أما الطیور فتنشأ أعشاشها باستخدام الأعشاب والنباتات البریة أما اللبان التی یدعون أنها نشأت من الزواحف فتختلف من حیث التکاثر اختلافا کلیّا عن باقی الکائنات الحیة . فبینما تکون باقی الحیوانات تتکاثر بالبیض تتکاثر اللبان بأن تحمل أجنتها داخل بطونها أشهرا عدیدة وبعد أن تضع جنینها تقوم بتغذیته باللبن الذی یفرزه جسمها.

وهناک أسلوب للصید مختلف لکلّ نوع من أنواع الأحیاء, فبینما یبقى بعضها کامنا للصید فترة طویلة یکون البعض منها متخفیا بلون المکان الموجود فیه والبعض الآخر یعتمد على السرعة والمباغتة. وکما یتضح هناک اختلاف کبیر وشاسع بین الحیوانات البریة والحیوانات المائیة وکلّ نوع یتمیز باختلاف واضح حسب الوسط الذی یعیش فیه.

من هذا العرض نستنتج أن التغییر فی الغرائز ینبغی أن یکون مصاحبا للتطور الحاصل فی الأحیاء. على سبیل المثال أن تصبح السمکة التی تضع بیضها تحت أحجار قاع البحر وترفرف بزعانفها رعایة لها حیوانا بریّا تقوده غریزته المتطورة إلى بناء أعشاش خاصة على أطراف الأشجار و یرقد على البیض مدة معینة لأجل تفقیسها. وهذا الأمر محال طبعا، والاستحالة الأخرى فی هذا الموضوع یمکن توضیحها بفرض عدم استطاعة الکائن الحی العیش نتیجة عدم ملاءمة سلوکه غیر المتطور لبنیته المتطورة نتیجة تغیر الوسط الذی یعیش فیه حیث لا تستطیع السمکة التی تتقن التّخفی فی البحر العیش إلا بعد إیجادها وسیلة جدیدة للدفاع, بالإضافة إلى ضیق الوقت لتحقیق ذلک لأنه یجب أن تقوم بتغییر سلوکها وطریقة حیاتها وبناء جسمها بصورة مستمرة وإلاّ فإنها معرضة للهلاک وانقراض نسلها.

ومن الواضح أنه لا یوجد حیوان غیر عاقل یمتلک القابلیة لاتخاذ مثل هذا القرار السریع والإستراتیجی الّذی یتطلب قوى عقلیة . إذا فکیف یتم تفسیر سلوک الحیوانات الملائم لبناء أجسامها وشروط الوسط الذی تعیش فیه ؟ وأدلى داروین بدلوه فی هذا الخصوص فی معرض رده على النـقد الموجه لکتابه "أصل الأنواع " قائلا : کان هناک اعتراض على فکرة أصل الأنواع مفاده أنه ینبغی أن یکون التغییر الحاصل فی بناء الکائن الحی متزامنا مع التغییر فی غرائزه فضلا عن کونهما متلائمین مع بعضهما لأن أی تباین یحدث بینهما یعنی الموت المحتم "(15).

یتضح مما تقدم أنه لا یمکن تفسیر سلوک الحیوان بواسطة التطور عبر الزمن أو بالصدفة أو بتأثیر الطبیعة الأم. إذن فکیف اکتسبت الکائنات الحیة تلک الصفات والخصائص التی تتیح لها مواصلة حیاتها؟ والجواب على السؤال فی غایة الدقة والوضوح . فالإنسان المطلع على طریقة معیشة الأحیاء یستطیع أن یرى استحالة تشکل هذه الأنماط السلوکیة من تلقاء ذاتها أو بواسطة سلسلة من المصادفات. ومصدر هذه الأنماط السلوکیة لا یوجد فی أجسامها ولا فی المحیط الذی تعیش فیه. إذن فهناک عقل وقوة لا یمکن رؤیتهما بالعین المجردة یقومان بإدارة سلوک هذه الکائنات الحیة. ولا شک أن صاحب هذا العقل وهذه القوة هو الله سبحانه وتعالى والذی وسعت رحمته کل شیء.

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد