الإسلام العربی
دعوة إلی الحقیقة
|
|
||
أخلاق الإسلام: مصدر الأمن والأمان إن بعض الأشخاص الذین یقومون بهذه الأفعال باسم
الدین هم فی الحقیقة یسیئون فهم الدین وبالتالی یمارسونه بالطریقة
الخاطئة. وسیکون من الخطأ أن نبنی فکرتنا عن الدین معتبرین هؤلاء الأشخاص
مثالا له، فاحسن طریقة لفهم الدین هی دراسته من مصادره الصحیحة. الإسلام دین السلام الإرهاب بمفهومه العام، هو العنف
المرتکب ضد أهداف غیر مسلحة لأغراض سیاسیة. وبمعنى آخر، فأهداف الإرهاب هم
المدنیون الأبریاء والذین یمثلون فی نظر الإرهابیین ”الطرف الآخر“، وهذه
هی جریمتهم الوحیدة. أنزل الله القرآن لیهدی به الناس إلى سواء السبیل وفیه یأمر الله الناس بالتحلی بمکارم الأخلاق. وهذه الأخلاقیات ترکز على مبادئ مثل الحب والرحمة والتسامح. وفی اللغة العربیة تشتق کلمة "إسلام" من کلمة "سلام". أرسل الله الإسلام إلى البشریة بهدف نشر السلام على
وجه الأرض، وهو أحد مظاهر رحمة الله بعباده. یدعو الله الناس إلى التحلی
بأخلاقیات الإسلام من خلال الرحمة والسلام والتسامح. قال الله تعالی : وکما یتضح من الآیة الکریمة، فالأمن یتحقق بالدخول فی الإسلام والعیش وفق أخلاق الإسلام. وقتل إنسان بدون ذنب من أکبر أنواع الفساد. ونذکر هنا أمر الله للیهود فی القران: وهکذا یتضح لنا أن ذنب قتل الآخرین وترویعهم والذی
یعرف باسم "الهجمات الانتحاریة" لا یقترفه إلا الإرهابیون. ویخبرنا الله
عن عقاب هؤلاء فی الآخرة قائلا:
"مَنْ قَتلَ نَفْسًا بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِی الأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعًا" کل هذا یبین لنا أن أعمال الإرهاب التی تنظم ضد الأبریاء هی أیضا ضد الإسلام، ولا یستطیع أی مسلم ارتکاب مثل هذه الجرائم. بل على العکس، فالمسلمون مسئولون عن إیقاف هؤلاء الإرهابیین والقضاء على الفساد ونشر الأمن والأمان فی الأرض. فالإسلام لا یتفق أبدا مع الإرهاب، بل هو الحل والسبیل لمنعه. الله یلعن المفسدینلقد حرم الله على الناس ارتکاب الشر مثل الظلم والعنف والقتل وسفک الدماء. ویصف الذین لا یتبعون أوامره بکونهم من ”أتباع الشیطان“. وقد وصف الله هؤلاء فی العدید من آیات القران منها: "وَالذِینَ یَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ
بَعْدِ مِیثَاقِهِ وَیَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أْنْ یُوصَلَ
وَیُفْسِدُونَ فِی الأَرْضِ أُولَئَِکَ لَهُم اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءَ
الدَّارِ" (الرعد : 25) "وَلاَ تُفْسِدُوا فِی الأرْضِ بَعْدَ
إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ الله قَرِیبٌ
مِنَ المُحْْسِنِینَ" وهؤلاء الذین یعتقدون انهم ینجحون عن طریق الأذى
والثورة والاضطهاد وقتل الأبریاء یرتکبون ذنبا کبیرا. فقد حرم الله جمیع
أشکال الشر ومنها الإرهاب والعنف ویدین الذین یرتکبون هذه الجرائم بقوله:
فی هذه الأیام، تحدث أعمال الإرهاب والإبادة الجماعیة والمذابح فی کل مکان فی العالم، ویقتل الأبریاء بشکل وحشی فی العدید من بلدان العالم حیث تتصارع جماعات فیما بینها لأسباب عرقیة وعصبیة. هذا الرعب الذی ینتشر فی جمیع بلدان العالم یختلف باختلاف الزمن والثقافة والحیاة الاجتماعیة وکل حدث له أسبابه ومصادره الخاصة. ومهما یکن من أمر، فمن الواضح أن السبب الأساسی المحرک لمثل هذه الأفعال بعید کل البعد عن تعالیم القران الکریم وتوجیهاته المرتکزة على الحب والاحترام والتسامح. وکنتیجة لغیاب الدین، فان مثل هذه الجماعات لا تخاف الله ولا یؤمن أفرادها بالحساب ولا بالآخرة وعقیدتهم أنّ "أحدا لن یحاسبهم"، ولذلک فهم یتصرفون بلا مبالاة دون شفقة أو رحمة أو ضمیر. هؤلاء الذین یقومون بمثل هذه الأعمال الإرهابیة
باسم الدین هم فی الحقیقة منافقون، یرتکبون إثما نهى الله تعالى عنه. وقد
اخبرنا الله فی القرآن الکریم عن عصابة مکونه من تسعة رجال خططوا لقتل
النبی علیه الصلاة والسلام متعاهدین باسم الله، قال الله عنهم: إن من یخشى الله تعالى لا یمکن بأی حال من الأحوال أن یشارک فی أعمال العنف. لذلک فإن الحل الحقیقی للقضاء على الإرهاب هو الإسلام. وعندما تنتشر المبادئ والأخلاقیات الرفیعة الموجودة فی القرآن یکون من المستحیل أن یربط الناس بین الإسلام الحقیقی وهذه المجموعات التی تزرع الکراهیة والحرب والفوضى. وذلک لأن الله حرم الإفساد قائلا: "وَإِذَا تَوَلَّی سَعَى فِی الأَرْضِ لِیُفْسِدَ فِیهَا وَیُهْلِکَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَالله لاَ یُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِیلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المِهَاد " (البقرة : 205 – 206) وکما جاء فی الآیة السابقة فالمؤمن لا یغض بصره حتى عن أصغر الأفعال التی تؤذی الآخرین. أما هؤلاء الذین لا یؤمنون بالله والآخرة فیفعلون وبلا تردد کل الشرور والآثام ویعتقدون أن أحدا لن یحاسبهم. مسئولیة المؤمنین إنّ الذین لا یعیرون اهتماما لمثل هذه الأحداث
لأنها لا تؤثر علیهم تأثیرا مباشرا، إنما یفتقدون إلى البصیرة والحکمة،
ولقد وهب الله تعالى الناس نعما عظیمة تتمثل فی مشاعر الإیثار والاخوة
والصداقة والتواضع وعلیهم ان یتخلصوا من أنانیتهم. "وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَجُلَیْنِ أَحَدُهُمَا أَبْکَمُ لاَ یَقْدِرُ عَلَى شَیْءٍ وَهُوَ کَلٌّ عَلَى مَوْلاَه أَیْنَمَا یُوَجِّهُهُ لاَ یَأْتِی بِخَیْرٍ هَلْ یَسْتَوِی هُوَ وَمَنْ یَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ" (النحل : 76) وکما تشیر الآیة إلى الذین هم "على صراط مستقیم"
یخلصون لدینهم ویخافون ربهم ویأخذون القیم الروحیة فی اعتبارهم ویتلهفون
لخدمة الناس. وعموما فقد سخر الله مثل هؤلاء الناس لخدمة الإنسانیة وتحقیق
فوائد عظیمة للبشریة. لذلک فانه من الضروری أن یتبع الناس الدین الحقیقی
ویعیشون فی ظل توجیهات القرآن الکریم الذی هو آخر کتب الله . ویعرف الله
فی القرآن هؤلاء الذین یعیشون فی ظل أخلاقیاته قائلا:
"الذِینَ إِنْ مَکَّنَّاهُمْ فِی الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتوا
الزَّکَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْکَرِ وَللهِ
عَاقِبَةُ الأُمُورِ" إن أول ما یجب فعله الیوم لکی نخلص العالم من سوط الإرهاب المسلط على الجمیع هو اعتماد التربیة للتخلص من الأفکار الشاذة البعیدة عن الدین والتی تُقدم باسمه، وأن نعلم الناس مبادئ وأخلاقیات القرآن الحقیقیة وآن نخاف الله ونخشاه. الله یأمر بفعل الخیرالمسلم إنسان یلتزم بأوامر الله ویحاول جاهدا أن
یعیش فی ظل تعالیم القرآن فی ود وسلام ، مما یجعل من العالم مکانا أکثر
جمالا وأمانا. وهدف المسلم هو إرشاد الناس للجمال والصلاح والخیر کما جاء
فی القرآن تاکریم:
"وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِکُواْ بِهِ شَیْئاً وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَاناً وَبِذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَالْجَارِ ذِی الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِیلِ وَمَا مَلَکَتْ أَیْمَانُکُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبُّ مَن کَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً" (النساء : 36) " وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ
تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ
شَدِیدُ العِقَابِ"
وکما توضح هذه الآیة فإن الله یطلب من المؤمن أن یکون بارّا بأخیه المؤمن، ویطلب منه أن یکون محبا لفعل الخیرات وتجنب الشرور والمعاصی . ویعد الله المحسنین قائلا : " مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشَرَةُ
أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّیِّئَةِ فَلاَ یُجْزى إِلاَّ مِثْلَهَا
وَهُمْ لاَ یُظْلَمُونَ" ویصف الله نفسه فی کتابه قائلا "یعلم ما تخفی الصدور" ویحذر سبحانه الناس من غضبه حتى یتجنبوا المعاصی . فالمسلم الذی سلم نفسه لله یجب أن یفعل ما بوسعه لمحاربة الإرهاب. المسلم لا یقف موقف المتفرج مما یدور حوله حتى وإن لم یصبه ضرر وذلک لأنه قد سلم أمره ونفسه لله تعالى. إنه سفیر الخیر، فهو لا یستطیع أن یقف فی الحیاد إزاء ما یقع من العنف والإرهاب، بل على العکس، المسلم هو العدو الأول للإرهاب ، هذا الإرهاب الذی یقتل الأبریاء دونما ذنب ارتکبوه. فالإسلام ضد کل أنواع العنف بل ویحاول منعه قبل أن یبدأ. بمعنی آخر، یدعو الإسلام إلى أن یسود السلام والعدل بین الناس ویأمرهم أن یتجنبوا التنازع والتقاتل. الله یأمر بالعدل وصف القرآن العدل الحقیقی وأمرنا به، فالعدل ألا
نفاضل بین الناس وأن نحمی حقوقهم ، وأن لا نجیز عنفا أبدا مهما کانت
الظروف وأن نقف إلى جانب الضعیف ضد الظالم ونساعد المحتاج. علی أیة حال من یحکم بالعدل علیه أن یضع کل مشاعره وآرائه الشخصیة جانبا ویعامل کل الأطراف بالعدل، وفی النهایة ینحاز للحق مهما کانت الظروف، ولا یبتعد أبدا عن طریق الأمانة والصدق. ویجب أن یتقمص الشخص روح القرآن لکی یراعی مصالح الآخرین قبل مصلحته الشخصیة حتى وأن لحق به الضرر حفاظا على العدل . "وَإِنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالقِسْطِ إِنَّ اللهَ یُحِبُّ المُقْسِطِینَ" (المائدة : 42) یصف الله العدل فی القرآن وصفا دقیقا ویخبر
المؤمنین بالموقف الذی یجب أن یتبنوه فی مواجهة الأحداث والطرق التی یتوجب
اتباعها للوصول إلى العدل . مثل هذا التوجیه یسر للمؤمنین ورحمة من الله
عز وجل. إن الله العادل یأمر فی قرآنه بالعدل والمساواة بین
الناس دون تمییز على أساس اللغة أو الجنس أو العرق أو الدین، فالعدالة فی
القرآن لا تتغیر بتغیر المکان ولا الزمان ولا الأشخاص. وحتى یومنا هذا
نجد أن کثیرا من الناس فی أماکن کثیرة یتعرضون للظلم والمعاملة القاسیة
فقط بسبب لونهم أو جنسهم.
ومثل هذا الاختلاف فضل کبیر من الله على خلقه .
وحقیقة أن شخص أطول من الآخر أو أن بشرته صفراء أو بیضاء فهذا لا یجعله
أفضل من الآخرین. وکل سمة یمتلکها الإنسان هی فی الحقیقة من خلق الله
وإبداعه، ولکن عند الله ، تلک الاختلافات الشکلیة لا تعنی شیئا. " یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ ذَکَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقَاکُمْ إِنَّ اللهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ" (الحجرات : 13) وکما یعلمنا الله فی هذه الآیة، فإن مفهوم العدالة یتطلب المساواة والتسامح والمسالمة فی تعاملنا مع الآخرین دون تمییز بینهم.
شنآنُ قومٍ لا یبرر ظلمهم لا یجب أن تؤثر مشاعر المؤمن الشخصیة على قراره نحو
شخص أو جماعة معینة. ومهما یکن عداء الشخص الذی یحکم علیه أو فساده، یجب
أن یترک المؤمن کل مشاعره الخاصة جانبا ویتصرف ویحکم فی حدود العدل فحسب. "یَا أَیُّهَا الذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلاَ یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِیرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (المائدة : 8) . "وَلَوْ شَاءَ رَبُّکَ لآمَنَ مَنْ فِی الأَرْضِ کُلُّهُمْ جَمِیعًا أَفَأَنْتَ تُکْرِهُ النَّاسَ حَتَّى یَکُونُوا مُؤْمِنِینَ" وکما توضح هذه الآیة فان الذین یخافون الله هم الذین یمتثلون لأوامره فی تحقیق العدل. ویعرف المؤمن أنه سینال رضا الله عندما یحکم بالعدل. وعندما یرى الناس حسن تصرفه وعدله یثقون به ویشعرون بالراحة فی حضوره ویأتمنونه على مصالحهم وأسرارهم. ومثل هذا الشخص یحضى بالاحترام من الناس حتى من الأعداء، وربما یهدی بأخلاقه الکریمة بعض الناس للإیمان بالله.
الإسلام دین یحترم حریة الفکر ووجهات النظر وأسالیب
الحیاة المختلفة. وقد حرم النزاع والجدل وسوء الظن بالآخرین. وفی نفس
الوقت یحرم الإرهاب وکل أنواع العنف، وحرم الإرهاب الفکری والنفسی :
"مهما تکن عقیدة الآخرین ، مسیحی …یهودی … بوذی … أو حتى هندوسی ، فإن المسلم مطالب بالتحلی بالتسامح والرحمة والعدل والإنسانیة تجاه کل الناس کما أمرنا القران". وبالطبع یجب أن یوصی المسلمون بعضهم البعض بالأخذ بمبادئ وأخلاقیات القرآن. وعلى المسلم أن یدعو إلى هذه المبادئ ویوضحها ویشرحها بالحسنى وباللین واللطف وعلیهم أن یشرحوا فضائل الدین مستنیرین بقوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالحِکْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ " (الإسراء : 125) ویجب أن لا یلجا المسلم فی دعوته إلى الله إلى أی نوع من الإجبار او الضغط النفسی او الجسدی . ولا یستخدم أی إغراء دنیوی لیعتنق أی شخص الدین . وإذا لم یجد استجابة لدعوته علیه أن یرد کما وجهنا القران : "لکم دینکم ولی دین" (الکافرون : 6) یوجد فی هذا العالم أنواع کثیرة من المعتقدات،
الملحد والهندوسی والبوذی والیهودی والمسیحی والمشرک والوثنی. ویجب أن
یتحلى المسلمون بالتسامح تجاه کل هذه المعتقدات والدیانات، ومهما یکن دین
الآخرین یجب أن یتصرف المسلم تجاههم بالعدل والتسامح والإنسانیة . هذه هی
مسئولیة المؤمنین، الدعوة إلى الله ومحاسن الأخلاق، وذلک بالحسنى والتسامح
. إن إجبار الناس فی بعض المجتمعات على اعتناق عقیدة ما أو فکرة أمر یتناقض تماما مع الإسلام . ویجب أن یعبد الإنسان الله ویخافه بمحض إرادته. وتظهر القیمة الحقیقیة للایمان والعبادة إذا ما مارسها الإنسان بکامل حریته ابتغاء لوجه الله سبحانه وتعالى. أما إذا فرض الحاکم العقیدة والعبادة على الناس فانهم سیمارسونها خوفا منه. ویجب أن تکون ممارسة العبادة والدین فی جو من الطمأنینة والحریة وذلک لکسب رضا الله سبحانه وتعالى. إن التاریخ الإسلامی ملیء بأسماء ناصعة لحکام مسلمین تسامحوا مع جمیع الأدیان واحترموها، بل هم أنفسهم من أوجدوا الحریة الدینیة. فعلى سبیل المثال، وصف توماس أرنولد (المبشر البریطانی لدى الحکومة الهندیة ) وصف علاقة الإسلام للحریة قائلا :
"عام 1492 ، طرد الملک فردناند والملکة ایزابیلا الیهود الذین رفضوا تغییر دینهم من أسبانیا. وقد استقبل هؤلاء الیهود فی الدولة العثمانیة التی کانت مثالا فی التسامح والعدالة الدینیة" " لم نسمع أی شیء عن محاولة إجبار السکان غیر المسلمین على اعتناق الإسلام بالقوة، ولم نسمع کذلک عن أی اضطهاد للمسیحیین. ولو أراد الخلیفة المسلم أن یقضی على المسیحیة فی ذلک الوقت لاستطاع بغایة السهولة تماما مثلما فعل فردناند وإیزابیلا الذین أخرجا الإسلام من أسبانیا. أو مثل لویس السادس عشر الذی منع البروتستنتینیة فی فرنسا. أو حتى مثل طرد الیهود من إنجلترا لمدة 350 عاما. وقد حرمت الکنائس الشرقیة فی آسیا تماما التواصل مع المسیحیین، فی الوقت الذی لم یجد فیه هؤلاء المسیحیون من یدافع عنهم حتى من باب الغیرة على الدین. لکن بقاء هذه الکنائس إلى وقتنا الحاضر برهان فی حد ذاته على الموقف المتسامح من الحکام المسلمین نحوهم" 1 .
قتل الأبریاء بلا ذنب من أکبر الخطایا التی ذکرها القرآن الکریم: "وَالَّذِینَ لاَ یَدْعُونَ مَعَ الله إلًِهًا
آخَرَ وَلاَ یَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ
وَلاَ یَزْنُونَ وَمَنْ یَفْعَلْ ذَلِکَ یَلْقَ أَثَامًا"
وکما توضح هذه الآیات، فمن یقتل الأبریاء سوف ینال عقابا عظیما ویخبرنا الله أن خطیئة قتل إنسان واحد کخطیئة قتل کل البشریة. والشخص الذی یراعی حدود الله لا یمکنه قتل إنسان آخر، فما بالنا بقتل آلاف الأبریاء. وهؤلاء الذین یعتقدون أنهم یستطیعون الهرب من العدالة والحساب فی هذه الدنیا، فإنهم بالتأکید لن ینجحوا فی الهرب من حساب الله وعقابه. ولهذا السبب یحاول المؤمنون إرضاء الله بأعمالهم لأنهم یعلمون أنه سیحاسبهم علیها بعد موتهم.
الله یأمر المؤمنین بالرحمة ذکرت مبادئ الإسلام وأخلاقیاته فی العدید من الآیات منها : وکما توضح الآیة، فإن الحث على الرحمة بالآخرین هی من أکبر الحسنات التی یُرحم بها المؤمن یوم الحساب ویدخل بها الجنة.
"توفر تعالیم الإسلام حیاة ملیئة بالحب والبهجة والسلام والسعادة لجمیع الناس" حب الله هو السبب الحقیقی للرحمة، فحب الإنسان لله
یجعله یحب کل مخلوقات الله، ویشعر بالقرب منها. هذا الحب والقرب الشدید
لله، یجعل المؤمن یتصرف بما یرضی الله وبما یأمرنا به فی القرآن الکریم.
وتظهر رحمة المؤمن الحقیقیة من خلال تعامله بتلک التعالیم. " وَلاَ یَأْتَلِ أُولُوا الفَضْلِ مِنْکُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ یُؤْتُوا أٌولِی الْقُرْبَى وَالمَسَاکِینَ وَالمُهَاجِرِینَ فِی سَبِیلِ اللهِ وَلْیَعْفُوا وَلْیَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللهُ لَکُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ" (النور : 22)
"الإرهاب یجعل من المجتمع ساحة للعنف والخوف والقلق والفوضى" " وَالَّذِینَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِیمَانَ مِن قَبْلِهِمْ یُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَیْهِمْ وَلَا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَیُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ هذه الأخلاقیات الرفیعة التی یجب أن یتحلى بها
المؤمنون، تنبع من حبهم العمیق لله تعالى. ولأنهم شدیدوا الورع والإخلاص
لله فإنهم یلتزمون بما أمرهم به فی کتابه. فالمؤمنون یعطف کل منهم على
الآخر ویقدمون لبعضعم البعض المساعدة دون انتظار مقابل أو حتى کلمة شکر.
بل إن هدفهم الحقیقی هو کسب رضا الله بفعل الخیرات التی أمرهم بها والتی
سیحاسبون علیها یوم القیامة. ویوضح الله لنا فی القرآن أنه من لا یفعل تلک
الخیرات مآله جهنم وبئس المصیر:
"الأخلاق الإسلامیة تدعو المسلمین إلى حمایة حقوق الیتامى والفقراء وذوی الحاجة وأن یکون کل منهم عونا للآخر" رأینا ما وُصف به المسلم فی هذه الآیات من صفات مثل
المحبة والرحمة. وبالطبع لا یمکن لمن یمتلک هذه الصفات أن یکون إرهابیا
أو حتى یوافق على أعمال العنف التی ترتکب ضد الأبریاء. وعلى العکس تماما
فإن شخصیة الإرهابی لا تتوافق أبدا مع ما ذکر فی القرآن من صفات.
فالإرهابی شخص عدیم الرحمة ینظر إلى العالم نظرة کراهیة وکل ما یریده هو
القتل والتدمیر وسفک الدماء. الله یأمر بالعفو والمغفرة یعتبر مبدأ العفو والمغفرة من أهم مبادئ الإسلام . إن واحدا من أهم أسباب استمرار الخلافة العثمانیة لقرون عدیدة وتوسع حکمها فی بلاد کثیرة، هو مناخ التسامح والتفاهم الذی أوجده الإسلام. فالمسلمون الذین عرفوا على مدى قرون بطبیعتهم المتسامحة ومحبتهم للأخرین، هم دائما الأکثر رحمة وعدلا بین الناس. وکان بإمکان کل الجماعات العرقیة أن تعیش بحریة وفقا لتعالیمها الخاصة بها، رغم التعدد الکبیر فی الترکیب الاجتماعی.
عندما یمارس الناس التسامح الحقیقی کما ذکر فی القرآن فإنه ینشر جوا من الأمن والأمان فی العالم کله. ویذکر القرآن هذه الحقیقة: وصف الله المغفرة فی القرآن بأنها أعلى منزلة، ویبشر الذین یتصفون بهذه الصفة بالقول: ووصف المؤمنین فی آیة أخرى : کل هذا یبین لنا أن تعالیم الإسلام للبشریة تملأ العالم بفضائل مثل السلام والرحمة والعدالة، أما البربریة التی تعرف بالإرهاب والتی تشغل العالم کله هذه الأیام، فهی من أفعال الجاهلین والمتعصبین وتتنافى تماما مع تعالیم الإسلام المذکورة فی القرآن، ومثل هؤلاء الناس لیس لهم صلة بالدین بأی شکل من الأشکال. والحل هو أن نوضح التعالیم الحقیقیة للإسلام لکی نفضح الوجه الحقیقی لهؤلاء الذین یمارسون العنف تحت ستار الدین. بمعنی آخر إنّ تعالیم القرآن، والتی لا تؤید الإرهاب، هی الحل الحقیقی للتخلص من هذا الکابوس.
"إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِیمٌ"
بازدید : مرتبه
|
![]() موضوعات
![]() آخرین مطالب
وسائل مکافحة أدیان الکفر
لا نجاة لأمة بدون دین قادة الکفر الذین یدعون الناس إلى النّار الأدیان المزیفة التی صنعتها المادیة أدیان الکفر: المادّیة و الداروینیة المقـدّمة الکتابات الموجودة تحت الرسوم الهوامش الفکـر المــادّی الداروینیة الحدیثة و الطفرات الوراثیّة تأثیر لامارک LAMARCK الآلیات الخیالیة لنظریة التطور الحیاة تنشأ من الحیاة السّقوط العلمی لنظریة داروین خطأ نظریة التطور لیست آخرین مطالب ![]() آمار وبلاگ
تعداد بازدیدکنندگان: 25529
|
||