الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الطیور النسّاجة

الطیور النسّاجة

تعتبر أعشاش الطیور النسّاجة من أغرب أنواع الأعشاش فی عالم الحیوان, وهذه حقیقة یؤکدها علماء الأحیاء, فهذه الطّیور تقوم بجمع الألیاف النّباتیة أو سیقان النباتات الرفیعة لتستخدمها فی نسیج أعشاشها و تتمیز هذه الأعشاش بمتانة جدرانها المنسوجة من هذه المواد الأولیة.

وأول عمل یقوم به الطائر النسّاج هو جمع المواد الأولیة اللازمة، وتتألف من أجزاء رفیعة یقطعها من الأوراق النباتیة الطّریة أو عروقها الرئیسیة، و سبب اختیاره للأوراق الطریة بدلا من الیابسة یرجع إلى سهولة تشکیلها لطراوتها ومرونتها. ویقوم الطیر بعد ذلک بلف الجزء الرفیع الذی أخذه حول غصن شجرة متعدد الفروع مستخدما أحد ساقیه لتثبیت أحد طرفی اللّیف على الغصن ومنقاره للقیام بعملیة اللّف، وللحیلولة دون سقوط هذه الحبال اللیفیة یقوم الطیر بربطها ببعضها البعض من تکوین عقد محکمة، و فی المرحلة الأولى یقوم الطیر بإنشاء حلقة لیفیة وتعتبر مدخلا إلى العش, ثم یقوم لاحقا بتمریر الأجزاء الورقیة الرفیعة من بین هذه الحبال اللیفیة بواسطة منقاره وبطریقة متناوبة مرة من فوق ومرة من تحت ویقوم بین الحین والآخر بشدّ هذه الأجزاء التی وقع تمریرها لجعل النّسیج أکثر متانة. وبأسلوب بارع یقوم الطیر بتکوین منحنیات أو نتوءات فی جدران العش لجعله متماسکا و متوازنا.

وعندما ینتهی الطیر من إنشاء المدخل اللازم لعشه یبدأ بنسج الجدران و فی هذه الحالة یقف مقلوبا أو رأسا على عقب ویواصل بالعمل من داخل العش، ویسحب اللیف الورقی بمنقاره تحت الحبال اللیفیة ویمسک طرفه الخارجی بدقة ومن ثم یشده شدّا محکما، وبهذه الطریقة یجعل للعش نسیجا غایة فی الإتقان (36). ومما یلاحظ هنا أن الطیر النساّج یعمل وکأنه یخطط لعدة مراحل وخطوات قادمة، فیبدأ بجمع المواد اللازمة ومن ثم یبدأ بنسج العش فی مکان ملائم فینسج المدخل ویستمر فی نسج الجدران فیما بعد وینحنی فی النسج عندما یتطلب الأمر الانحناء ویوسّعه عندما یتطلب الأمر التوسیع إضافة إلى إتقانه لعمله إلى درجة مذهلة و دون أن یعطی أیّ انطباع بکونه مبتدأ فی عمل النّسج. والحقیقة أنه یثبت مهارة فائقة فی أداء عمل شخصین فی آن واحد بواسطة ساقه للتّثبیت ومنقاره للنّسج ولا یتقدم خطوة إلاّ بحساب و تقدیر بارعین.

و هناک نوع آخر من الطیور النسّاجة یقوم بإنشاء أعشاش ذات سقف متماسک یمنع تدفق قطرات المطر داخله ویفرز هذا الطیر سائلا فی فمه یختلط مع الألیاف النباتیة التی یجمعها ویحضر بذلک خلیطا یساعده على طلاء عشه من الداخل و یتمیز هذا الخلیط بإکساب العش مرونة ومقاومة ضد نضوح میاه المطر.

و تتکرر هذه الخطوات عدة مرات حتى اکتمال بناء العش، ومن الاستحالة القول أن هذه القابلیة لدى الطیور محض مصادفة أو مکتسبة لاشعوریا لأن هذه الطیور وهی تعد أعشاشها تتصرف مثل مهندس معماری ومهندس إنشاءات وعامل بناء ماهر فی آن واحد.

و مثال آخر للطیور النساجة التی تنشأ أعشاشا غریبة هو أحد أنواعها و یعیش فی جنوب إفریقیا، فهذا النوع ینشأ عشّا شبیها بعمارة مقسمة إلى شقق ویبلغ ارتفاع هذا النوع من الأعشاش 3 أمتار وعرضها 4,5 مترا ویعیش داخل هذا العش ما یقرب من 200 زوج من هذا النوع (37). والسؤال الذی یتبادر إلى أذهاننا لماذا تختار هذه الطیور بناء أعشاشها بهذه الصعوبة بدلا من الأعشاش السهلة البناء؟ وهل یمکن تفسیر بناء هذه الأعشاش المعقدة من قبل هذه الطیور بـمحض مصادفة ؟ بالطبع لا لأن هذه الطّیور مثلها مثل باقی الکائنات الحیة تتحرک بوحی إلهام الهی .

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد