الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

لقد أخطأ داروین: الأنواع لم تتغیر

لقد أخطأ داروین: الأنواع لم تتغیر


Charles Darwin

لعل أکبر مشکلة اضطرت داروین إلى بذل الجهد فیها ، هی الطرق التی هیأت لانتقال الصفات المتوائمة من نسل إلى آخر . ففی الآونة التی توفی فیها داروین لم یکن قد اکتُشفت بعد مبادئ علم الجینات والوراثة . أما المشکلة الثانیة التی عجز عن حلها فکانت تتعلق بطبیعة السجلات الحفریة .1

کان داروین قد صاغ الفرضیة التی طوّرها باسم " نظریة التطور" على أمنیتین أوضحهما دوجلاس وارد Douglas Ward فی کلماته التی أوردناها آنفا . الأولى انتقال الجینات (الوحدات الوراثیة) ـ التی تشکل الصفات المختلفة “ بشکل خیالی” فی التغیرات التی تحدث بین الأنواع ـ إلى السلالات اللاحقة . والأخرى هی تجلی هذه التغیر الخیالی ـ الموجود بین الأنواع ـ فی السجلات الحفریة . وکان سهلاً على داروین الزعم بأن ثمة تغیرات تطرأ على الصفات التشریحیة للکائن الحی ، وأنها تأتی بأنواع جدیدة بانتقالها إلى السلالات اللاحقة. إذ کانت سنوات القرن التاسع عشر التی طرح فیها داروین أفکاره سنوات “ بدائیة “ بالمعنى العلمی لم یکن علم الوراثة قد عُرف فیها بعد . کما لم  یُکتشف تعقد الخلیة الحیة . ولم تُعرف البنیات الرائعة للجینات (الوحدات الوراثیة) التی تحدد کافة صفات کائن حی ، والمعلومات التی تنطوی علیها و الحساسیة التی تختص بها . 

تعُد الحفریات إحدى أهم وسائل استقاء المعلومات حول العصور المختلفة لسطح الأرض . وبعبارة أخرى: تدلی الحفریات بمعلومات لیس حول تاریخ الکائنات الحیة فحسب ، وإنما حول تاریخ سطح الأرض فی الوقت ذاته . أما الأنواع الحفریة المعروفة فتوجد فحسب فی الطبقات والنماذج الصخریة المعلومة . ویبدو أن هناک فی کل واحدة من الطبقات الصخریة ـ المتراکمة بعضها فوق بعض ـ مجموعات حفریة خاصة بهذه الطبقة ، یمکن أن تُوصف بأنها نوع من التوقیع لتلک الطبقة .

 

لقد کان من السهل على داروین أن یدعی أن السجلات الحفریة التی من شأنها إظهار هذا التغیر الخیالی بین الأنواع ، موجودة فی أماکن ما من سطح الأرض . لأنه ـ ووفقاً لزعمه ـ توجد حفریات تحولیة بینیة فی طبقات الأرض ، لم یُعثر علیها فحسب . وما جُمع من حفریات من سطح الأرض فی تلک الحقبة کان نزرا یسیرا ، ولم تکن قد أخرجت الحفریة البینیة .ووفقا لداروین سوف یبدأ الناس فی الالتقاء بهذه الحفریات الخیالیة المفقودة ذات یوم . والشیء  الضروری الوحید هو الوقت والدراسات المفصلة التی یمکن أن تجرى على سطح الأرض .

کانت نظریة داروین قد تأسست على هاتین الفکرتین الأساسیتین ، وإذا ما أمعنا النظر فإننا لا نجد ثمة دلیل أو ملاحظة ، وغایة ما هنالک إنها مجرد فرضیات . إذ کانت نظریة التطور نظریة طُرحت فی الأصل لأسباب لیست علمیة وإنما أیدیولوجیة تماماً .وقد طُوِّرت بغیة إقصاء الناس عن دین الله تعالى ، وطرحها باعتبارها دلیلاً ضد حقیقة الخلق . وبذلک کانت هی الشکل المعدل على تاریخ الکائنات الحیة للمنطق المادی الذی انتشر فی العالم . غیر أن هذا الجانب للزعم لم یفطن إلیه أحد بسبب “ البدائیة العلمیة “ للحقبة التاریخیة . وکانت النظریة برمتها قد ظهرت باسم العلم مع عدم منطقیتها ، ولکن فی إطار ظروف تلک الفترة لم یکن قد اتضحت بعد الأدلة التی تثبت عدم المنطقیة هذه . وسرعان ما أظهرت الفترة التی تقدر بنحو قرن ونصف والتی انقضت بعدها ،وبکثیر من الأدلة العلمیة عدم منطقیة النظریة وأنها برمتها لیس سوى خدعة . وتلاشى تماما الزعم القائل بأن الأنواع الحیة تولدت من بعضها بعضاً مروراً بتغیرات طفیفة ، وذلک بالحقائق التی کشف عنها علم الجینات والوراثة . والجینات (الوحدات الوراثیة) جسیمات بالغة التعقید والحساسیة . وهی تتأثر سلباً من أی تغیر فجائی ، وتتعرض للتلف. ومن ثم یستحیل أن یعتری الجینات تغیرات برمتها عشوائیة غیر واعیة ، تحول هذه البنیة إلى بنیة أخرى تضطلع مهام مختلفة . (لمزید من المعلومات التفصیلیة انظر هارون یحیى: الأصل الحقیقی للحیاة Hayat?n Gerçek K?keni ,Ara?t?rma Yay?nc?l?k ) .

أما السجلات الحفریة فقد شکلت خیبة أمل أخرى بالنسبة لداروین . إذ لم یتم العثور على نماذج الحفریات البینیة التی توقع داروین العثور علیها فی المستقبل . ولا یستطیع أی داروینی من بعد أن یطرح الزعم القائل بعدم کفایة السجلات الحفریة ، لأن السجلات تکاد تکون قد قدمت کافة النماذج . وقد احتُفر قسم کبیر من سطح الأرض. والحقیقة التی کشف عنها علم الحفریات هی أنه لیس هناک ولو نموذج “ تحول بینی واحد “ ، وأن الکائنات الحیة التی عاشت قبل مئات الملایین من السنین “ لم تتغیر “ . وقد أشار ستیفین جای جولد Stephen Jay Gould   عالم الحفریات التطوری من جامعة هارورد Harvard إلى هذه الحقیقة التی فطن إلیها أیضا داروین فی الأساس ، بقوله:

“ إن السجلات الحفریة جلبت على داروین الشقاء بأکثر من السعادة “.2

أما نیلز إلدردج Niles Eldredge و إیان تاترسال Ian Tattersall   التطوریان من المتحف الأمریکی للتاریخ الطبیعی فیصرحان بهذه الوضع ، إذ یقولان:

“ إن عدم تغیر الحفریات المتعلقة بالأنواع الحیة على مدار الفترة التی وُجدت فیها فی السجلات الحفریة ، لهو حقیقة یعلمها علماء الحفریات حتى قبل نشر کتاب “ أصل الأنواع “ . أما داروین فکان قد تنبأ بأن أجیال المستقبل سوف تحقق اکتشافات حفریة جدیدة تملأ هذه الفجوات . وقد ترتب على کافة ما أجری من أعمال البحث والتنقیب طیلة فترة تناهز 120 سنة مضت بعد ذلک ، أن بات واضحاً أن السجلات الحفریة لن تؤید نبوءة داروین هذه .وهذه لیست قضیة تمخضت عن عدم کفایة السجلات الحفریة ، إذ تظهِر هذه السجلات بجلاء أن نبوءة داروین التی نحن بصدد الحدیث عنها خاطئة . والملاحظة التی تتفق مع السیاق القائل بأن الأنواع ثابتة بشکل مدهش ، وأنها بقیت ثابتة على حالها دوماً طیلة الحقب الزمنیة الطویلة ، لتحمل فی طیاتها وکافة السمات الموجودة فی قصة “ الملک العاری “  ، حیث أن الجمیع رأی هذا ، لکنه أبى ألا أن یتعامى عن رؤیته . وعلماء الحفریات الذین بقوا وجها لوجه مع سجل حفری عنید یرفض بإصرار التصور الذی افترضه داروین ، تولوا عن هذه الحقیقة وطرحوها وراء ظهورهم .3

وهکذا تطورت نظریة التطور لداروین فی مناخ عُرف فیه بقدر الکفایة عدم منطقیاتها فی الأساس ، ولکن تم تجاهل هذا عن عمد . وحدوث التغیرات الجینیة المستفیدة من التأثیرات العشوائیة على الأنواع ، وانتقال هذه التغیرات إلى السلالات ، إنما هو احتمال لا وجود له على المستوى العلمی .والحفریات هی الأخرى ترفض تغیرا کهذا . ولم تقدم ولو نموذج واحد من النماذج الحفریة البینیة التی من المتعین أن تکون قد عاشت على مدار ملایین السنین . (لمزید من التفاصیل انظر: هارون یحیى ، مأزق التحول البینی(Ara Geçi? Açmaz? , Ara?t?rma Yay?nc?l?k )

إذن أی برهان علمی هذا الذی یبقی على نظریة التطور حیة ؟

لیس هناک أی برهان علمی یبقی على نظریة التطور حیة ، وتبین هذه الحقیقة مجدداً أن الأسباب التی تدعم الداروینیة ، لیس أسباب علمیة ، وإنما هی أیدیولوجیة . وموضوعیة العلم تستوجب أن تُطرح الفرضیة أولاً ، ثم یتم إثباتها بالأدلة وتتحول إلى نظریة . غیر أن هذا لا ینطبق على نظریة التطور . فالنظریة لا تُؤید ولو حتى بدلیل واحد ، ورغم هذا فلا تزال تحتفظ بما لها من مکانة فی الکتب الدراسیة ، وتُقدم فی وسائل الإعلام بأکثر الأخبار غشاً وخداعا ، وهی تُحمى بقانون ، وعادة ما یُحافظ علیها بمنطق “ أنه لا یمکن تغییرها ، ولا یمکن اتخاذ قرار مناوئ بشأنها “ . والسبب الوحید وراء هذا ، هو أن نظریة التطور لیست أطروحة علمیة ، وإنما هی عقیدة دوغماتیة مُسلَّم بها . ولا تزال السجلات الحفریة تکذّب مزاعم داروین ، وتثبت حقیقة الخلق . وحبط مسعى الداروینیین ، وأکدت الأدلة الموجودة على وجه الأرض على أن الکائنات الحیة لم تتطور ، وأعلنته صراحة . واثنان من أدل الأدلة على هذا هما عدم وجود الحفریات البینیة والثبات الموجود فی السجلات الحفریة ، أی حقیقة الثبات على الحال دونما تغیر .




. Peter Douglas Ward, On Methuselah's Trail, W. H. Freedman and Company, 1992, p. 9
2. Stephen J. Gould, The Panda’s Thumb , 1980, p.238-239.
3. N. Eldredge , and I. Tattersall , The Myths of Human Evolution , Columbia University Press , 1982, p.45-46

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد