الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

صفات المشرکین

إِنَّ اللّهَ لاَ یَغْفِرُ أَن یُشْرَکَ بِهِ وَیَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِکَ لِمَن یَشَاء وَمَن یُشْرِکْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِیمًا ) النساء 48)



صفات المشرکین

إحدى الصفات الرئیسیة فی مجتمعات المشرکین هی التعصب الدینی، الذی یعرفه القرآن بأن بحصر الشخص حیاته وینظمها حسب مبادىْ، أوامر، ونواهی من صنع الإنسان، ولا ترتکز على أی أدلة عقلانیة صحیحة أو منطقیة.فی حالة الدین، فإن هذا المصطلح یشیر إلى الذین یستبدلون تعالیم الدین الصحیحة ویستبدلونها بأحکام ومبادئ مرتکزة على الظن والتخمین. وقد یُنسب هذا التصرف فی بعض الأحیان بطریقة خاطئة إلى المسلمین الملتزمین، مع أنه فی الحقیقة یصف المشرکین الذین یتبعون قوانینهم، شروطهم الخاصة والإباحات والتحریمات التی جاءت بها أدیانهم المشوهة، و إدعاءهم بأنهم یتـبعون الدین الصحیح. فی الواقع، فإن التعصب هو العامل الأساسی الذی یشجع المشرکین على تبنی هذا الدین الذی تملأه الخرافات. فشهوات الدنیا تمیل بصاحبها نحو التعصب وصفات سلبیة أخرى.

قد یجد المشرکون أن العیش مع هذه العصبیة والدفاع عنها أکثر إغراء لهم من إلتزام الطریق القویم. فهم یستمدون متعة خاصة نتیجة اتباعهم لهذه التعالیم التی تکون أحیاناً صوفیة، غامضة وملغزة ، وهذا، فی الواقع، من الأسباب الأساسیة لضلال العدید من الیهود منذ زمن النبی موسى (ع). فبعض الیهود المحافظین یظهرون الیوم بمظهر الإخلاص والتقوى- ونحن نعتذر من الذین هم فعلاً هکذا- هم فی الواقع ملتزمون بدقة بالشرائع الدینیة التی قاموا بتأسیسها بأنفسهم. غیر أن هذا الدین لیس الدین الصحیح الذی أنزله الله، وهؤلاء لا یمارسونه لنیل رضوانه ولکن للحصول على الشهوات المستمدة من العیش وفقاً لتعصب الشخص فی المحافظة على ما هو قدیم ومتوارث.

یملأ المشرکون أدیانهم المبنیة على العصبیة بالرموز، العادات، والطقوس الغریبة. ونتیجة لذلک، یصبحون یعرفون من حولهم علىأنهم أشخاص أتقیاء وعلى درجة عالیة من التقوى والإخلاص لله تعالى، ویصبحون مع الوقت یتمتعون بمکانة مرموقة فی مجتمعهم. غیر أن هذا التعصب فی الواقع لیس سوى نظام اسسوه لإرضاء أنفسهم، لأن، ولسبب ما، فإن جوهر وحقیقة دین الله، أو، للتوضیح أکثر، محتویاته والنظام الذی یقوم علیه لیس کافیاً لهم. هم لا یتقبلون واقع أن الإسلام دین یسر یرتکز على الوضوح و المنطق. فهم یشعرون بالراحة فقط لو کان الإسلام فیه "عسر"، لأن ذلک سیتیح لهم إستعراض "تقواهم" للناس الآخرین. إن عدم ارتیاحهم لواقع أنه یکفی أن یرى الله وحده أعمالهم، یجعلهم یفضلون إتباع دین قام بتأسیسه البشر، مما یتیح للناس الآخرین أن یراقبوا ویعلقوا على "تقواهم وإلتزامهم".

ولکن بخلاف مشرکی ما قبل الإسلام الذی کانوا ینتمون إلى الأدیان المنزلة قبل الإسلام، فإن هؤلاء المشرکین المتأخرین لیس بمقدورهم تغییر ولو کلمة واحدة من القرآن، الکتاب الأخیر الذی أنزله الله تعالى. لقد أنبأنا نبینا (ص) أنه لن یُنزل أی کتاب من بعده، ولن یأتی أی دین آخر، وأن القرآن یصلح حتى یوم القیامة. لقد قام الله وسیقوم بحفظ القرآن. إذاً، فمن أراد بصدق أن یتعلم ما هو الإسلام، وما هی متطلباته، بطریقة واضحة ومفصلة، یستطیع ذلک بأن یتخذ من القرآن الکریم والسنة النبویة الشریفة قدوة له.

المشرکون، فی المقابل، یدافعون عن معتقداتهم الباطلة التی تصد الناس عن القرآن. کما تخبرنا آیة من القرآن، فإنهم یقولون الباطل مرتکزین على تخمیناتهم وظنونهم. بإضمارهم مختلف الفرضیات بما یتعلّق بالله، فإنهم دوماً فی حالة من عدم الأمان والغم. وأحیاناً، فإنهم یحاولون استرجاع ثقتهم بأنفسهم وتصمیمهم بواسطة العدوان، السخریة، الإستهزاء وعدم الإکتراث برأی الغیر.

وفی الوقت نفسه، فهم جاهلون عقائدیاً و روحیاً، فحتى لو قرؤا وحفظوا کتباً لا تحصى، فهم لن یتنوروا بالقرآن الکریم ولن یعرفوا الله کما یجب، لأنه تعالى عرف عن نفسه فقط فی القرآن الکریم. هکذا أشخاص یعبدون إلهاً مختلفاً جداً، إلهاً صنعه البشر وهو یرتکز على دینهم الباطل. فجهلهم وغیاب منطقهم ینعکس بالتالى على کل ما یفعلون. بعجزهم عن فهم القرآن فإن جهلهم العقائدی، غیاب عقلهم، ومنطقهم الناقص یسبب لهم باستمرار الإحراج أمام الأشخاص الآخرین. بما أنهم مخلصین لدین باطل ومتناقض، فهم لا یستطیعون أن یدافعوا عن دینهم بشکل منطقی.

هؤلاء لا یتوجهون مباشرة إلى الله أو یقیمون علاقة قریبة معه لأن قلوبهم قاسیة ولا یشعرون بأی قرب أو إخلاص له تعالى. الإسلام على ألسنتهم، ولکن لیس فی قلوبهم. فهم یجعلون الوسطاء للوصول إلى الله، یعتبرون إرضائهم والحصول على موافقتهم کافیین، ویظنون أن هؤلاء قادرون على مساعدتهم. غیر أن جمیع هؤلاء الوسطاء فی الواقع یبعدوهم أکثر فأکثر عن الله ویزیدون من شرکهم:

وَیَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا یَضُرُّهُمْ وَلا یَنْفَعُهُمْ وَیَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا یَعْلَمُ فِی السَّمَوَاتِ وَلا فِی الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا یُشْرِکُونَ (18) (یونس 18)

إن واقع کونهم بعیدین عن الله یعنی أنهم أیضاً بعیدین عن قیمه الأخلاقیة. بما أنهم لا یقرأون القرآن، أو أنهم یقرأونه فقط بخلفیة شرکیة تمنعهم من فهمه بالطریقة الصحیحة، فإنهم یُحرمون من البرکات، العلم، القیم الأخلاقیة الرائعة، والفضائل الروحیة التی یقدمها للمؤمنین. لا یستطیع المشرکون رؤیة مناقبه الفضیلة، لأن ما یستهویهم أکثر هو کل أنواع الفجور واللا أخلاقیة والخداع. عدا عن ذلک، فهم مستعدون لکبت ضمائرهم وتعدی الحدود التی وضعها الله للبشریة لتبریر مواقفهم عندما یجدون أنفسهم فی مواقف صعبة أو عندما تتعارض رغباتهم وشهواتهم مع الإسلام .

صفة أخرى من صفات هؤلاء هی البخل. تطلعنا آیة فی القرآن الکریم أن المؤمنین یستخدمون ما زاد عن حاجتهم من المال للإهتمام بالآخرین.أما المشرکون فی المقابل، فإنهم لاینفقون إلا القلیل- وحتى ذلک، فإنهم یفعلونه للریاء. إن تکدیس الممتلکات و الثروات یشکل واحدة من أهم نزواتهم. فی الحقیقة، فإن ذلک أحب إلیهم بکثیر من الإنفاق فی سبیل الله. بما أنهم یفتقدون الإیمان الحقیقی، وبالتالى لیس لدیهم ثقة فی الله أو خضوع له، فهم یخافون دائماً مما یخبئه المستقبل لهم.

یسثمر المشرکون باستمرار فی مستقبلهم. بالتأکید، فإن هذا العمل لا شیء فیه. غیر أنه لا یجب أن یتحول إلى شغف مستهلکاً لصاحبه، لأن هکذا موقف یبرهن عن غیاب الخضوع الحقیقی لله تعالى وأیضاً عن نقص فی إیمان الشخص وإدراکه أن الله هو الرازق الوحید.

زیادة على ذلک، یتصف المشرکون بالحسد، الطمع، الأنانیة، وعدة رذائل أخرى. بما أن لیس لدیهم حس حقیقی للجمال أو الفن، فهم یتصرفون بخشونة مع الآخرین ویحاولون إظهار ذلک على أنه دلیل على تفوّقهم وقربهم من الله. وهم أیضاً یسیطر علیهم الخوف، ولا یعلمون سبب ذلک:

بَلْ اللَّهُ مَوْلاکُمْ وَهُوَ خَیْرُ النَّاصِرِینَ (150) سَنُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ کَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَکُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِینَ (151) (آل عمران:151)

علاوة على ذلک، فهم متشائمین و لیسوا سعداء، فالمشاکل، الصعوبات، المصائب، والأحزان لا تترکهم. وهذا (فی الدنیا) بدایة العذاب والخزی الذی سیلاقونه فی الآخرة. وعدا عن ذلک، فهم ثائرون على الله عن غیر وعی، لأنهم یرفضون التخلی عن دینهم الباطل، الذی یدعون أنهم یمارسونه بإسمه، والذی بنوا علیه أسالیب معیشتهم، ترکیبات أسَرِهم، محیطهم، وعلاقاتهم الإجتماعیة والمهنیة. ولهذا، فهم لا یناسبهم هجرة أسالیبهم القدیمة.

إن إحدى أهم صفات المشرکین هی " إنما المشرکون نجسُ " (التوبة: 28). وهذا مؤشر على أنهم نَجسین جسدیاً وروحیاً. فإن أجسادهم، ثیابهم ومحیطهم قد تبلغ من الوساخة بحیث تصبح تعرض صحتهم للخطر. بما أن عاداتهم الغذائیة مبنیة على الخرافات والتعالیم البشریة، فإنه یظهر عندهم فی بعض الأحیان خلل جسدى أو معنوی بسبب غذائهم الغیر متوازن.

صحتهم الفکریة هی أیضاً لیست بخیر، فطریقة عیشهم السلبیة والغیر صحیة تؤثر على نموهم الذهنی وأدائهم العقلی. وهذا ینطبق على مقدرة الحکم على الأمور أیضاً، التی تجعل خطابهم وتصرفهم غیر متوازنَین، متناقضین، وبعیدین عن المنطق. کونهم عرضة لتقلب المزاج، فإنهم قد تتملکهم الإثارة فجأة، فیختبرون تقلب سریع فی المزاج من الیأس إلى العدائیة، أو یتکلمون بطریقة غیر مریحة، بصوت عال، وبنبرة غیر متوازنة.

إن کل هذه الصفات تتسبب بإبعاد الناس عی الدین. بإعتقادهم أنهم یخدمون القیم الأخلاقیة الدینیة وأنهم یحاربون الإلحاد، فإنهم فی الواقع یتسببون للدین بأذى أکبر من الأذى الذی الذی یتسبب به الملحدون. فی الحقیقة، فإنهم غیر مدرکون أن أعمالهم الکثیرة هذه تؤثر سلباً على الدین الصحیح:

وَمَنْ یَعْشُ عَنْ ذِکْرِ الرَّحْمَنِ نُقَیِّضْ لَهُ شَیْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِینٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَیَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِیلِ وَیَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) (الزخرف 37-36)

عندما یخبرهم أحد بذلک، فإنهم إما یعجزون عن، أو یرفضون فهم هذا الأمر لأنهم لیسوا صادقین فی الأمور التی تختص بالدین. حتى لو قرأوا کتب ومقالات عن هذا الموضوع، فأنهم سیبقون غیر مدرکین لواقع أنهم لا یتعاملون بالطریقة المباشرة والصحیحة مع هذا الموضوع. ولو أنهم أدرکوا ذلک، لادعوا العکس. حتى ولو کانت کل هذه الأوصاف تنطبق علیهم حرفیاً، فسیبقون على رفضهم لهذا الأمر ویبحثون عن الشرک فی مکان أخر.

أما بالنسبة إلى هؤلاء الذین هم صادقین فی دینهم ولکنهم یقعون بعض الأحیان فی سوء الفهم لقصر علمهم وجهلهم فی بعض أمور الدین، فإنهم یستطیعون دوماً أن یعتمدوا على ضمائرهم لتصحیح سوء الفهم لدیهم وتعلم الأمور بالطریقة الصحیحة. فإذ أنابوا ورجعوا إلى الطریق الصحیح، فإن الله إن شاء یقبل توبتهم إن کانوا صادقین فی ذلک. إن الأشخاص الذین ینضمون إلى المشرکین على جهلٍ بالحقائق والذین لیس لدیهم صفات الشرک الحقیقیة، فهؤلاء یرجى لهم أن یعودوا إلى الصراط المستقیم بسبب صدقهم ونیتهم الطیبة. إن هدفاً من أهداف الکتاب هو الوصول إلى هکذا أشخاص وتمکینهم من معرفة أخطائهم، لجعلهم مدرکین للظلمة التی تحیط بهم، ولحثهم على التوبة والدخول فی دین الله تعالى.

إذا لم یرفع الله الغشاء عن أعین، آذان وقلب الأنسان فإنه لا یتوقع لهذا الشخص أن یستیقظ ضمیره، وأن یصل هذا النجاة والخلاص. إن السبب وراء فشل شخص ما فی الوصول إلى الحقیقة، والإعتقاد أن هذا الأمر لا یعنیه، بالرغم من قراءته لهذا الکتاب، هو معجزة من معجزات الله. أما فی وضع طبیعی، فإن النتیجة المرجوة هی أن ینجو هذا الشخص. یجب أن لا ننسى أن القلوب بین یدی الله وهو الذی یهدی من یتقرب إلیه بإخلاص، یتوب، یدرک خطأه، ویطلب النجاة فقط منه تعالى. فعلى المرء إذاً أن یحذر من الوقوع فی الشرک، وأفضل طریقة لفعل ذلک هی أن یدرک الشخص من البدایة أن الله موجود وماذا یعنی ذلک، ثم أن یراجع معتقدات مجتمعه، وکذلک معتقداته الشخصیة، ونظرته إلى الإسلام. لیس من العیب أن یعترف المرء بأخطاءه ویقوم بتصحیحها. بل عل العکس من ذلک، فإن هذا یدل على الصدق، وهو دلیل على تقوى المرء وتوقیره لله تعالى.

کما رأینا حتى الآن، فإن الإعراض عن القرآن والسنة والإلتزام بالمذاهب الضالة والمنحرفة، الممارسات، والمعتقدات الباطلة، یقود الشخص إلى التناقض والشرک عوضاً عن الطریق القویم. لهذا السبب، فإن الحل الوحید هو التمسک بهدی السنة و هدی القرآن.

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد