الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

أنواع المشرکین فی القرآن

إِنَّ اللّهَ لاَ یَغْفِرُ أَن یُشْرَکَ بِهِ وَیَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِکَ لِمَن یَشَاء وَمَن یُشْرِکْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِیمًا ) النساء 48)




أنواع المشرکین فی القرآن

یطلق القرآن صفة" أهل الکتاب " على الیهود والنصارى. بعض هؤلاء قد إبتعد عن جوهر الدین الصحیح، وباتوا یتبنون نظرة شرک إلى الألوهیة. غیر أنه لا یجب أن نطلق هذا التعمیم علیهم کلهم، لإن بعضهم لم یقع فی هذا الخطأ. إن النصارى خاصة قد ضلوا عن سواء السبیل بتألیههم النبی عیسى (ع). فحتى فی یومنا هذا، فإن المشرکین الذین یعتبرون أنفسهم نصارى یعتبرون أن عیسى (ع) هو إبن الله (تعالى الله عما یصفون)، ویجعلونه إلهاً من دون الله تعالى:

لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ وَقَالَ الْمَسِیحُ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّی وَرَبَّکُمْ إِنَّهُ مَن یُشْرِکْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَیهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِینَ مِنْ أنصَار(72) لَّقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ یَنتَهُواْ عَمَّا یَقُولُونَ لَیَمَسَّنَّ الَّذِینَ کَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ (73) ( المائدة72-73:)

بعض أحبار الیهود ورهبانهم یشرکون أیضاً بالله. وبعض الحاخامات قد إتخذ منهم أرباباً من دون الله وحولوا أوامرهم إلى تشریعات إلهیة. بإدخال هذه التشریعات والقوانین إلى التوراة، ففد إلتزم بها أکثریة الیهود لقرون عدیدة بإسم الدین. بإعطاء حق التشریع إلى الأحبار والحاخامات، وحق التحریف لأوامر الله، فقد ساوى الیهود بین رجال دینهم والله تعالى.

والحال ذاته ینطبق على النصارى الذین إتبع أکثرهم عن غیر علم ولا تبصر القدیسین والرهبان ورجال الدین الذین کانوا مسیطرین تماماً علیهم. فقد تبنى الناس فهم هؤلاء للدین ووجهات نظرهم عوضاً عن دین الله.

إن الأشخاص من الجانبین الیهودی والنصرانی قد حرفوا التوراة والإنجیل خلال القرون الماضیة بإضافتهم إلى النصوص، إقتطاعهم منها، أو القیام بتغییرات فیها. بإبتعادهم عن الدین الصحیح الذی أنزل فی هذه الکتب، فقد تحول أکثرهم إلى الشرک.

اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِیَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا یُشْرِکُونَ (التوبة: 31)

إن الله یدعو الّذین تحولوا إلى الشرک للعودة إلى الدین الصحیح، أی إلى الإیمان به تعالى کإلهم الوحید، دون إتباع أو عبادة غیره:

قُلْ یَا أَهْلَ الْکِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى کَلَمَةٍ سَوَاء بَیْنَنَا وَبَیْنَکُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِکَ بِهِ شَیْئًا وَلاَ یَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ( آل عمران:64)

علینا أن لا ننسى أننا هنا فی صدد الکلام فقط عن المشرکین من الیهود والنصارى. بالتأکید، فإن هنالک مشرکین من کل الأدیان، حتى بین المجتمعات المسلمة. وأیضاً، فلیس کل الیهود والنصارى فی نفس الخانة. وإنطلاقاً من هنا، فإننا نسأل الله الرحمة والمغفرة لهؤلاء الیهود والنصارى الصادقین والذین یؤمنون بالله تعالى کإلهم الوحید ولا یُشرکون به أحد .ویذکر القرآن هؤلاء فی الآیات التالیة:

لَیْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْکِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ یَتْلُونَ آیَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّیْلِ وَهُمْ یَسْجُدُونَ (113) یُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْیَوْمِ الآخِرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنکَرِ وَیُسَارِعُونَ فِی الْخَیْرَاتِ وَأُوْلَئِکَ مِنَ الصَّالِحِینَ (114) وَمَا یَفْعَلُواْ مِنْ خَیْرٍ فَلَن یُکْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِیمٌ بِالْمُتَّقِینَ (115) ( آل عمران:115-113)

وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ لَمَن یُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَیْکُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَیْهِمْ خَاشِعِینَ لِلّهِ لاَ یَشْتَرُونَ بِآیَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِیلاً أُوْلَئِکَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِیعُ الْحِسَابِ ( آل عمران:199)

یخبرنا القرآن الکریم أن المشرکین من أهل الکتاب یجب أن یُدعَوا إلى الدین الحق بالموعظة الحسنة ومع محاولة إظهار خطأ الشرک لهم:

قُلْ یَا أَهْلَ الْکِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى کَلَمَةٍ سَوَاء بَیْنَنَا وَبَیْنَکُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِکَ بِهِ شَیْئًا وَلاَ یَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ( آل عمران: 64)

تألیه الأقویاء

و أوضح مثل لذلک هم قوم فرعون. بما أن قومه جعلوه فی منزلة الألوهیة، فإن النظام الذی أنشأه فرعون وقومه هو مثل عالمی لنظام الشرک الذی نراه فی کل الأزمان والمجتمعات. ففرعون إدعى الألوهیة وأطاعه قومه فی ذلک:

فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّکُمُ الْأَعْلَى (24) (سورة النازعات:24-23)

إن أتباع فرعون الأساسیین ومؤیدیه کانوا من الملأ لدیه کما نرى من کلامه (القصص 38). فقد أحکم فرعون سیطرته على هذا الملأ الذی یضم أهم الأشخاص فی مصر وأجبرهم على الإعتراف بألوهیته المزعومة. وبحصول هذا الملأ على إحترام الشعب فقد ظن هؤلاء أن هذا النظام سینفعهم ویکون لصالحهم. وهذا هو سبب قبولهم لألوهیته. ولکن تصرّفهم هذا باء بالفشل وخاب ظنهم، وکان مصیرهم النار والعذاب فی هذه الدنیا وفی الآخرة. وقد شرح لنا القرآن موقف هؤلاء ومصیرهم:

إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِیدٍ (97) یَقْدُمُ قَوْمَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِی هَذِهِ لَعْنَةً وَیَوْمَ الْقِیَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَلِکَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَیْکَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِیدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَکِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِی یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَیْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّکَ وَمَا زَادُوهُمْ غَیْرَ تَتْبِیبٍ(101) (هود:101-97)

وقد أطاع فرعون أیضاً جیش مصر وشعبها، الذی کان فقیراً، ضعیفاً ومحتاجاً:

وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِی قَوْمِهِ قَالَ یَا قَوْمِ أَلَیْسَ لِی مُلْکُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِی مِنْ تَحْتِی أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَیْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِی هُوَ مَهِینٌ وَلا یَکَادُ یُبِینُ (52) فَلَوْلا أُلْقِیَ عَلَیْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِکَةُ مُقْتَرِنِینَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ کَانُوا قَوْماً فَاسِقِینَ (54) ( الزخرف:54-51 )

وقد کان فی مصر عدد کبیر من بنی إسرائیل الذین کانوا فی الأسر، وکانوا مضطهدین وفی حالة من خوف من فرعون، وقد ظنوا کما فعل شعب مصر أن فرعون یملک القوة من دون الله، فخافوه کما یخافون الله تعالى. وفضل هؤلاء الإستسلام والخضوع لفرعون على الإیمان بالدین الصحیح:

فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّیَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ یَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِی الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِینَ ( یونس: 83)

لقد ألّه المصریون فرعون لعدة أسباب: الإضطهاد، الخوف، الجهل، ورغبتهم فی حمایة مصالحهم بإی ثمن. وکنتیجة لذلک، فقد تحولوا إلى الشرک بتألیههم لفرعون و بنسیانهم أن الله هو الإله الوحید وأنه وحده الجدیر بالخوف والتقدیر. فکان یجب علیهم أن یؤمنوا به ویتوکلوا علیه ویتبعوا الطریق الذی بینه لهم عن طریق الأنبیاء والرسل لیفوزوا برضوانه تعالى. فلو أنّهم تیقنوا أن الله هو وحده القوی لما کانوا خافوا من فرعون وبطشه.

لو أنهم أدرکوا أن فرعون لیس إلا مجرد إنسان عاجز تحت سیطرة الله لما کانوا رضخوا له. فبما أنهم فشلوا فی إدراک أن کل ما یملک فرعون من کنوز، مجد، وقوة عسکریة هو فی الواقع ملک لله، فقد عجزوا عن تقدیره تعالى حق قدره، وبالتالى، خدعوا بقوة فرعون الظاهرة. لو أنهم علموا أن الله قادر على أن یسلب فرعون کل ما یملک متى شاء، ما کانوا أظهروا هذا التصرف الشرکی وتحملوا کل هذه الإهانات. ولکن الله أظهر لهم عجائب قدرته حین أغرق فرعون وبین لهم بالتالی ضعفه. وهذا المثل الذی بین لنا الخزی العظیم الذی أصاب الذین ألهوا فرعون، یبقى مثل رائع لأنظمة الشرک التی کانت، وما زالت مستمرة فی مختلف المجتمعات.

ألذین یعبدون الأصنام

لقد سبق و عرفنا الأوثان على أنها أی شیء حی أو غیر حی نصب على أنه مساو ٍ لله تعالى. فی هذا القسم ، سنستخدم هذه الکلمة فی معناها التقلیدی : أصنام تنحت وتعبد من الناس. للوهلة الأولى ، قد یظن القارىء أن عبادة الأصنام هی عادة المجتمعات القدیمة أو بعض القبائل البدائیة التی لم یصل إلیها العلم الحدیث أو التقنیة. غیر أن هذا الإفتراض غیر صحیح، لأن فی صمیم هذا النوع من الشرک وهذه الأصنام یکمن الأشخاص والمبادىء التی تمثلها هذه الرموز. فإذاً، فإن الذین یعبدون هذه الأصنام یتبنون عموماً الأفکار و طریقة العیش التی تمثلها أصنامهم ولیس هذه الأصنام بحد ذاتها. أی أنهم یحاولون تخلید الکینونات والجهات التی یرونها مساویة لله (القادة، المشرعین، الحامین أوالمنقذین) بنصب التماثیل لهم.

ففی نهایة الأمر، هنالک منطق رمزی وراء هذه الممارسة. وبما أن هذه الأصنام تمثل الکینونة، الشخص، أو المبدأ الذی یعتبر مساویاً لله، فإنها تتلقى التوقیر والعبادة اللذان هو وحده تعالى یستحقهما. فما نصب على أنه مساویاً لله هو ما یمثله الصنم من معنى و عقلیة معینة.و یذکر القرآن النبی إبراهیم فی هذا السیاق:

إِذْ قَالَ لأَبِیهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِیلُ الَّتِی أَنْتُمْ لَهَا عَاکِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِینَْ(53) (الأنبیاء:53-52)

کما تظهر هذه الآیات، فإن هذا النوع من العبادة موروث عن الأجداد. وبغض النظر عن عدم منطقیتها، فإن عبادة الأصنام قد تصبح نوعاً من التصرف " الصحیح " و" العقلانی " حتى فی أکثر المجتمعات تحضرا ، ًوذلک ناشىءعن الفلسفة التی ینشأ علیها بعض الأشخاص منذ الصغر.

من صفات التماثیل المنحوتة أنها تتساوی تدریجیاَ مع الشخص أو المبدأ التی تمثله. فمثلاً، أله الناس بودا فی بادىْْ الأمر بصفته شخص فی الهند. ثم نحتت التماثیل التی تمثله لتخلید ذکراه وأقواله. وقد ألهت هذه التماثیل بحد ذاتها مع الوقت حتى أصبحت الیوم أصناماً یعبدها الناس و یوقروها، یتوجهون إلیها بالدعاء ویطلبون مساعدتها. إن الأشکال الأخرى لعبادة الأصنام هی مبنیة على نفس المنطق.

یطلعنا التاریخ والقرآن على واقع أن العرب فی زمن الرسول (ص) کان لدیهم عدد کبیر من الآلهة. إذا نظرنا إلى الوثائق التارخیة، فإننا نرى بکل وضوح أن هذه الأوثان فی الواقع تمثل أو ترمز إلى مفاهیم محددة. بکلام آخر، فإن العرب لم یعبدوا فی الواقع الأشکال والتماثیل المصنوعة من الحجارة والخشب، بل إنهم کانوا یعبدون المعانی التی تجسدها (کالقوة، المال، النساء أو الوفرة). لذا، فإن هذه الأصنام لا تختلف کثیراً عن القیم التی تُعبد فی یومنا هذا وتُفضل على دین الله من کثیر من الناس. فمن الخطأ إذاً أن نفکر فی القبائل والشعوب القدیمة حین نشیر إلى المشرکین أو عبادة الأصنام لأن نظیر هؤلاء موجود الیوم وفی أحسن حال. إن هؤلاء یؤمنون بالله و لکنهم إنحدروا إلى الشرک بسبب تألیههم لمختلف المفاهیم وجعل هذه المفاهیم أهم عندهم من الله.

عندما تحرر بنو إسرائیل من فرعون، مروا فی رحلتهم على قوم یعبدون الأصنام فسألوا موسى أن یجعل لهم صنم مثلهم:

وَجَاوَزْنَا بِبَنِی إِسْرَائِیلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ یَعْکُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا یَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً کَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّکُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِیهِ وَبَاطِلٌ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَ (139) (الأعراف:139-138)

إن هذا التصرف الجاهل یظهر لنا کیف أن بنو إسرائیل لم یقدروا الله حق قدره. بل أنهم أرادوا إله یستطیعون رؤیته، السجود له، وإقناعه بتلبیة رغباتهم عن طریق قیامهم ببعض الشعائر. ومع أن موسى (ص) کان قد أرشدهم إلى الحق، فإنهم سرعان ما اتخذوا لهم آلهة أخرى ما أن غادر الطور. ویشیر القرآن إلى أنهم ندموا فیما بعد بسبب عملهم هذا:

وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِیِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ یَرَوْا أَنَّهُ لا یُکَلِّمُهُمْ وَلا یَهْدِیهِمْ سَبِیلاً اتَّخَذُوهُ وَکَانُوا ظَالِمِینَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ یَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَیَغْفِرْ لَنَا لَنَکُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِینَ (149) (الأعراف: 149-148)

ویقول ألله تعالى:

إِنَّ الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَیَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَکَذَلِکَ نَجْزِی الْمُفْتَرِینَ (152) وَالَّذِینَ عَمِلُوا السَّیِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّکَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِیمٌ (153) (الأعراف: 153-152)

الذین یعبدون الجن

یعتبر بعض الناس أن الجن یتساوون مع الله. إن هذه المخلوقات من نار و لیس من طین کالبشر(الرحمان: 15). وبما أنها غیر مرئیة وهی تملک قدرات وصفات مختلفة عن البشر، فإن بعض الناس الذین یتعاملون معها یبدؤون بتعظیمها ووضع آمالهم فیها. فهم یتوهمون أن الجن وقدراته مستقلان عن الله تعالى. وباختصار فإنهم ینشدون مساعدتهم قدراتهم من دون الله تعالى:

وَأَنَّهُ کَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ یَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً (الجن: 6)

وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَکَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِینَ وَبَنَاتٍ بِغَیْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا یَصِفُونَ (الأنعام: 100)

ولکن فی الواقع فإن الجن لا یختلفون عن أی مخلوق آخر من جهة أنهم عباد لله تعالى ولا یملکون أیة قدرة أو علم غ ما أنعم الله تعالى به علیهم. وکما هو حال البشر فإن منهم المؤمن والکافر، وهم یمتحنون فی هذه الدنیا ومصیرهم إلى الجنة أو إلى النار. العدید من الآیات تحتوی على معلومات مهمة بهذا الخصوص:

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِیَعْبُدُونِ} (الذاریات: 56)

بما أن الجن مخلوقون لعبادة الله تعالى، فإنهم یدینون بوجودهم له ومحتاجون له. فکیف یستطیع أی إنسان بعد هذا أن یألههم و یطیعهم بسبب امتلاکهم لبعض القدرات؟ ومع ذلک فإن هذا ما یفعله الکثیر من الناس باعتبارهم مساوین لله. غیر أن هؤلاء الذین ینسبون إلى الجن قوة مستقلةعن الله، والذین یساوونهم به سوف یصابون بخیبة أمل عظیمة عندما یفشل الجن فی الإستجابة لهم. وسیدرکون فی الآخرة أنهم کانوا فی الحقیقة مشرکین:

وَجَعَلُوا بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتْ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ (159) (الصافات159-158)

وَیَوْمَ یَحْشُرُهُمْ جَمِیعاً یَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَکْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِیَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِی أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاکُمْ خَالِدِینَ فِیهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّکَ حَکِیمٌ عَلِیمٌ (الأنعام 128 )

الذین یؤلهون أهوائهم

یؤلّه الناس أیضاً أهوائهم، أی شهواتهم، رغباتهم ونزواتهم. فبتقدیم أهواءهم على أوامر الله تعالى بعبادتهم للأصنام والجن والمخلوقات الأخرى، فإن هدفهم الأهم هو إرضاء نزواتهم وشهواتهم الخاصة. ویکثر أمثال هؤلاء فی المجتمع.

إن شهوات الدنیا لیس لها حدود، غیر أن هؤلاء یسعون إلى إرضاءها کلها. وکنتیجة لذلک فإنهم یجدون إنفسهم مضطرین إلى تجاوز الحدود التی وضعها الله وإلى مخالفة أوامره ونواهیه. یقول النبی یوسف (ع):

وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِی إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّی إِنَّ رَبِّی غَفُورٌ رَحِیمٌ (یوسف 53)

قد تکون الشهوات الدنیا عبارة عن رغبة فی الثراء، أو ملک عظیم. لتحقیق هذه الرغبات فإن الکثیرمن الناس یلجؤون إلى وسائل غیر أخلاقیة (کالسرقة والخداع) إذا لم تتوفر الوسائل الشرعیة، مع أن الله حرم هذه التصرفات. وتشجع الشهوات الدنیا الناس على تجاهل الأعمال الصالحة کالإعتناء بالآخرین وإیتاء الزکاة لتطهیر أموالهم. أما المؤمنون حقا، فهم یلتزمون بأوامر الله تعالى ویجتنبون ما حرم. بالمقابل فإن اللذین یؤلهون شهواتهم یتبعون رغباتهم و ینتهکون أوامره ونواهیه.

تمثل الشهوة رغبة دنیویة أساسیة. فالذین یتبعون رغباتهم لا یرون أی خطأ فی الزنا وحتى أنهم یشجعون الناس على ممارسته، مع أن الله تعالى قد حرم ذلک. لذا، فإن بعض الناس الذین یعملون هذه الفاحشة مع العلم بتحریمها، والذین لا یرون فیها أی خطأ ولا یظهرون الندم على فعلتها، ولا یتوبون توبة صادقة من هذا الذنب العظیم، هؤلاء قد قاموا بتألیه أهوائهم جاعلین لله الأنداد. فهم إذاً وقعوا فی الشرک:

الزَّانِی لا یَنکِحُ إلاَّ زَانِیَةً أَوْ مُشْرِکَةً وَالزَّانِیَةُ لا یَنکِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِکٌ وَحُرِّمَ ذَلِکَ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ (النور 3)

لیس هنالک حد للشهوات الدنیا. لذا، فإن انقیاد الناس لهذه الشهوات من دون القیام بأی شیء لمحاولة التحرر منها، سیقودهم إلى تجاوز الحدود التی وضعها الله تعالى. وبکلام آخر فإنهم بعملهم هذا یؤلهون أهوائهم ویتحولون إلى الشرک، وذلک لأنهم نسوا رضوان الله تعالى. سیختفی عقلهم و بصیرتهم شیئأ فشیئأ، وسیتضاءل ضمیرهم، وسیجدون أنفسهم ینحدرون إلى منزلة البهائم:

أَرَأَیْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَکُونُ عَلَیْهِ وَکِیلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَکْثَرَهُمْ یَسْمَعُونَ أَوْ یَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ کَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلاً (44) (الفرقان 44-43)

إن هذا أکثر أشکال الشرک إنتشاراً فی مجتمعات الیوم. الکثیر من الناس فی هذه الأیام غافل عن الله والقیم الأخلاقیة الدینیة. وکنتیجة لذلک، وکونهم غافلین عن أی حد حین یتعلق الأمر بإشباع شهواتهم ورغباتهم، فإنهم یمضون جزءاً کبیراً من حیاتهم یتبعون ما یعتقدون أنه سیسعدهم: أی المنزلة والمکانة الإجتماعیة والثروات التی تنشأ من إکتساب المال الکثیر و الممتلکات. ومع أن امتلاک الثروات لیس سیئاً بحد ذاته، إلا أنه یجب علینا أن نعی الأمر التالی: ففی سبیل إشباع الشهوات والرغبات، فإن الناس یقومون بالتنازلات عندما یواجهون متطلبات الدین، أی أنهم یتحولون إلى الشرک لإنهم یفضلون إشباع رغباتهم على الإلتزام بـأوامر الله و نواهیه. فالأمر کما لو أن على أعینهم غشاوة تمنعهم من التفکر فی خالقهم، لماذا خلقوا أو یوم الحساب.

أَفَرَأَیْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ یَهْدِیهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَکَّرُونَ (الجاثیة 23)

بما أن المشرکین لا یستخدمون عقولهم و ضمائرهم، فإنهم عاجزون عن الحکم بطریقة سلیمة على الحقائق الأساسیة. فهم غافلین عن الله و قدرته وهم فی حالتهم تلک یشبهون صاحب الجنة الموصوف فی سورة الکهف. وهذا الوصف یشکل مثل قیم لضعف عقل المشرکین و منطقهم:

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَیْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَیْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَیْنَهُمَا زَرْعاً (32) کِلْتَا الْجَنَّتَیْنِ آتَتْ أُکُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَیْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً (33) وَکَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ یُحَاوِرُهُ أَنَا أَکْثَرُ مِنْکَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِیدَ هَذِهِ أَبَداً (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّی لأَجِدَنَّ خَیْراً مِنْهَا مُنقَلَباً (36) (الکهف 36-32)

إن هذا وصف دقیق للناس الذین ضلوا عن الدین، فشلوا فی تقدیر الله تعالى کما ینبغی، ولا یؤمنون بالیوم الآخر. عندما یواجهون بإمکانیة الموت والفناء، فإنهم یواسون أنفسهم بإ بالظن بإمکانیة وجود آخرة حیث یأملون أن یکونوا سعداء ومکتفین. غیر أنهم بعدم إیمانهم بالبعث بعد الممات فإنهم لا یستعدون لهذه الأخرة.

من الجید أن نذکر شیئاً مهماً هنا: جمیع الناس، سواء مؤمنین أو کافرین، لدیهم شهوات ورغبات غیر محدودة. فالله یستعمل هذه الشهوات والرغبات لیمتحن الناس بها لإظهار معدنهم الحقیقی. فمن کان ورعاً ومخلصاً لله فإنه یسیطر على هذه الشهوات ویلتزم بأوامره ونواهیه. أما من کان مخلصاً لنزواته وأهوائه، فهو یتجاهل حدود الله تعالى فی سبیل إشباع رغباته. وبما أن أفراد الفریق الثانی یفضلون شهواتهم على رضوان الله فقد حکموا على أنفسهم بالخلود فی العذاب:

وَیَوْمَ یُعْرَضُ الَّذِینَ کَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَیِّبَاتِکُمْ فِی حَیَاتِکُمْ الدُّنْیَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْیَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا کُنْتُمْ تَسْتَکْبِرُونَ فِی الأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَبِمَا کُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) (الأحقاف 20)

فی الآخرة، سیحصل المؤمنون على رحمة الله وجنته، حیث سیتمکنون من إشباع کل رغباتهم بطریقة شرعیة:

یُطَافُ عَلَیْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَکْوَابٍ وَفِیهَا مَا تَشْتَهِیهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْیُنُ وَأَنْتُمْ فِیهَا خَالِدُونَ (الزخرف 71)

اللذین یألّهون أنفسهم

شکل شائع آخر من أشکال الشرک هو تألیه الذات. قد یتوهم البعض للوهلة الأولى أن هذا النوع نادر الوجود. غیر أن الواقع عکس ذلک. الکثیر من الناس قد لا یشعرون أنهم یمارسون هذا النوع من الشرک، و لکن عند تفحص أنفسهم بصدق یجدون أن هذا الداء بالواقع موجود لدیهم.

فمثلاً، أکثر الناس یعتقدون أن نجاحاتهم، هیئاتهم الجمیلة، ذکائهم، جاذبیتهم، غناهم، ممتلکاتهم، مکانتهم، منزلتهم، وعدة أمور أخرى مشابهة هو نتیجة مجهودهم الشخصی. فیصیبهم الفخر نتیجة ذلک. وکلما کان لدیهم میزة إضافیة من هذه المیزات کلما ازداد فخرهم. بإقتناعهم بأن جمیع هذه الأمور مصدرها أنفسهم وأنهم هم وحدهم مصدر نجاحهم هذا، فهم یستخفون الأشخاص الآخرین ویعتبرون أنفسهم متفوقین علیهم.

هکذا أشخاص یشیرون إلى أنفسهم بغطرسة وتکبر. وهذا فی الأساس إثم عظیم لأن الله وحده هو الذی یمنح الشخص أی شیء. فمثلاً، فإن الجمال عطیة من الله. وبما أن الجمال مصدره من الله فإنه یجب أن یُثنى علیه وحده بصفته المالک له. جمیعنا یعلم أن الفنان الذی رسم اللوحة هو فقط الذی یستحق الثناء لجمالها، بما أن هذه اللوحة لم توجد نفسها.

الممتلکات والثروات یجب أن یُنظر إلیها بنفس الطریقة، لأنها کلها فی الحقیقة مملوکة لله تعالى، وفی مقدوره إسترجاعها متى شاء ذلک. فمن الخطأ الکبیر أذاً أن یغتر الناس و یتباهوا بملکهم شیئاً هو لیس لهم فی الحقیقة. بل یجب علیهم أن یعوا بأن کل ما یملکون، سواء أکان مادی أم لا، هو ملک لله، وأن یشکروه على ذلک. قال النبی سلیمان (ص) بشأن حبه للخیل وممتلکاته:

وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَیْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَیْهِ بِالْعَشِیِّ الصَّافِنَاتُ الْجِیَادُ (31) فَقَالَ إِنِّی أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَیْرِ عَنْ ذِکْرِ رَبِّی حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ(32) (ص 32-30)

ذو القرنین الذی أمدّه الله بالقوة، الأسباب والنعم، أعان قوماً على یأجوج و مأجوج. ومع أنه إستطاع تحقیق إنجاز عظیم بمنعه إنتشار الفساد، فإنه لم یطلب شیئاً لنفسه، بل أنه عزى ذلک إلى الله قائلاً:

قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّی فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّی جَعَلَهُ دَکَّاءَ وَکَانَ وَعْدُ رَبِّی حَقّاً (الکهف: 98)

من الواضح أن هذا الخضوع لله هو مثال حی لتصرف المؤمنین. فإنهم دائماً ما یلجؤون إلیه تعالى لعلمهم أنهم عاجزون تماماً أمامه وأن کل أمر یتوقف علیه تعالى.

إستناداً إلى ما قد قیل حتى الآن، فإن الإعتقاد بأن الشرک یمثل فقط السجود أمام أصنام منحوتة یمل منظوراً ضیقاً جداً و سطحیاً. فالمشرکین هم فقط الذین یستعملون هذا المنطق فی سبیل تبرأة أنفسهم من کل إثم. فمعظم الأشخاص یظنون أن مبدأ الشرک إختفى إلى غیر رجعة بعد أن حطم الرسول (ص) الأصنام فی الکعبة المبارکة. غیران العدید من الآیات تصف الشرک بدقة وتحذر المؤمنین منه بشدة. وبما أن منطق القرآن یصلح لکل وقت ومکان فإن هذه الآیات أوحیت لتعلیم الناس الحِکَم. یشیر القرآن إلى المشرکین الّذین فرضوا القوانین، التشریعات والفروض على قومهم، وتحولها إلى جزء من الدین الإلهی. ولکنهم کانوا کاذبین.

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد