الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الباب الرابع َأخطاء أولئک الذین یَستندونَ إلى الآیات القرآنیة "ل

الباب الرابع
َأخطاء أولئک الذین یَستندونَ إلى الآیات القرآنیة "لإثْبات" التطورِ

إنّ عواملَ الإرشاد الأساسیةَ لأیّ مسلم یُؤمن باللهِ ویدین بدین الإسلام هی القرآنَ والسنة و هی تعالیم النبی، صلى الله علیه وسلم.
 یَحتوی القرآنُ على العدید مِنْ الآیاتِ الخاصة بخَلْقِ الحیاةِ و خَلْقِ الکونِ.
 إلا أنه لا شئ من هذه الآیات یعطی ولوحتىالإشارةَ الطفیفةَ إلى الخَلْقِ التطوریِ.

بمعنى آخر، فإن القرآن لا یَدْعمُ فکرةَ أن الفصائل أوالسلالات المختلفة قدِ تَطوّرتَ مِنْ بعضها البعض أَو بأنّ هناک رابطة أوعلاقة تطوّریة بینهم.
بل على العکس، یَکْشفُ لنا القرآنَ بأنّ اللهِ قد خَلقَ هذا الکونَ بکل ما فیه من حیوات بشکل أعجوبی بأَمْره "َکنَ! ".

وعندما نَتذکّرُ بأنّ الإکتشافاتِ العلمیةِ تُبطلُ هی الأخرى عملیة النمو و الارتقاء ، فنحن مرةً أخرى نَرى کَیفَ أن القرآنَ یسیر بمحاذاة العِلْمَ دائماً.

وبالطبع، فلو شاء اللهَ لَخْلقَ أیّ شئَ بواسطة التطورِ. إلا أنه لیس هناک أیة إشارة إلى ذلک فی القرآنِ، ولا توجدَ آیة واحدة تَدْعمُ إدّعاءَ التطوریین بأن السلالات والأنواع قد نشاءت بالتطوّرَ التدریجیِ.

 فلو کان الخَلْق قد حَدثَ بهذه الطریقة، لکَناَ قد رأینا تفاصیلِه ضمن آیات القرآنِ.
بالرغم من أنَّ کُلّ شیء على هذا القدر من الوضوح الشدید ،إلا أن بَعْض المسلمین ممن یؤیدون داروینِ یسیؤون فهم بَعْض الآیاتِ و ینسبون إلیها معان لاتتفق مع تلکَ المعانی الواضحة والجلیةَ التی تدعو إلیها حقا هذه الآیاتِ .

وبهدف الُدفاعَ عن نظریة التطورِ وتُزویّدهاُ ببَعْض الدلائلِ القرآنیة المزیفة ، فإن معانی بَعْض الآیاتِ قد شوّه، واعتمد على التخمین والتضلیل فی تفسیرمعانی بعض الآیات .

وحول کون الناسِ فی هذه الحالةِ الخطرةِ، یَقُولُ الله تعالى:

"وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِیقًا یَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْکِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْکِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْکِتَابِ وَیَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَیَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْکَذِبَ وَهُمْ یَعْلَمُونَ" (سورة آل عمران ، الآیة 78)

أولئک الذین یَعْرفونَ القرآنَ و مازالوا یَحرفونَ معنى آیاته الأصلیِ ویسیؤونَ فهمها عن عمد إنما یرتِکبون بطلاناِ عظیما فیّ حق اللهِ.
لا یجب على أی مسلمَ أومسلمة عمَلُ شیء کهذا عن طیب خاطر ، خشیة من عواقب مثل تلک الفعلة.

ومن ثم فإن کُلّ التعلیقات المستندة إلى التخمینِ ، خصوصاً إن کانت صادرة عمن هم على درایة جیدة بالقرآنَ وما یَقُولهُ بصدد مثل هذه الأمورِ المهمةِ، غیر مقبولة من الناحیتین الأدبیة و الأخلاقیةً. بالطبع فإَنْ مثل هذا التعمیمِ على کُلّ من یَدّعی بأنّ التطورِ متوافقُ مع الدینِ شىء غیر صحیح ، وذلک لأن البعض مِنْهُمْ لا یُفکّر بشأن ما یعنیه مثل هذا الإدّعاءِ و لا یُدرک َ الأخطارَ الخفیةَ المترتبة علیه.

إلا أنه، لا یَجِبُ على الناس أن یُضلّلوا بعضهم بعضا بالاستناد إلى ما  یَقُولهُ القرآنِ و بالکَلام على لسانِ اللهِ بغیرالحق باستعمال آیاته ُ لإثْبات النمو و الارتقاءِ .

أولئک الذین یَفعلونَ ذلک یَجِبُ أَنْ یُعیدوا النظر فی خطورةِ ما یَعْملونَ ویَتجنّبونَ مثل هذه التفسیراتِ أَو التعلیقاتِ،  وذلک لأن الله سَیُحمّلُهم مسؤولیةَ کلامِهم هذا.

لَیسَ فقط مثل هؤلاء الناسِ یَخْدعونَ أنفسهم، ولَکنَّهم یَخْدعونَ أیضاً أولئک الذین یقَرأون کلامَهم هذا ، و یا لها من مسؤولیة ثقیلة.
وفی الأساس : فإن المسلمین الذین یُؤمنونَ بالتطورِ یَقْبلونَه کحقیقة علمیة وهکذا فإنهم ینظرون إلى القرآن من منطلق حتمیة تأکیدَه على صحة التطورَ.

وهکذا یُحمّلونَ کُلّ کلمة قد تشتمل على تفسیرَ تطوّریَ ظاهری بما یستحیل أن تحَمله فی حقیقة الأمر من معان.
عندما یؤخذ القرآن فی الاعتبار کوحدة واحدة لا تحتمل التجزئة ، أَو عندما تُقْرَأُ الآیة موضع السّؤال بالإرتباط مع ما قَبلهاَ وماَ بَعدها، فسیَرى المرء أنّ التفسیراتَ المعَروضةْ خاطئة بل وعاجزةُ کذلک.

فی هذا الفصلِ، سَنأخذَ فی الاعتبارُ تلک الآیاتِ التی یقدمها المسلمون الذین یَقْبلونَ نظریة النمو و الارتقاء کدلیل على صحتها.
ثمّ سَنَرْدُّ على إدّعاءاتهم، بالقرآنِ أیضا ، وسنُقارنُ تفسیراتهمِ بالتی للعلماءِ الإسلامیینِ البارزینِ.
على أیة حال، نحن یَجِبُ أَنْ ندرک الحقیقةِ الأساسیةِ التالیةِ:

القرآن یجب أنْ یُقْرَأَ ویفسرَ بالشکلِ الذى أوحى به اللهِ ، وذلک بقلب مخلص تمام الإخلاص وبدون الُتأثّرَ بأیّ فکر أَو فلسفة غیر إسلامیة.
والتفکر فی معانیُ القرآنِ بهذا الإسلوبِ سَیَکْشفُ لنا أنّه لاْ یَحوی أی إشارات أو دلالات تخص الخَلْقِ بالتطورِ.
بل على العکس، فسَنَرى أنّ اللهِ خَلقَ الکائنات الحیّةَ بل وغیرالحیة کذلک وکُلّ شیء آخر بأمرإلهی واحدِِ "َکُن! "
ولو وَجدتَ المخلوقاتِ الأنصاف آدمیین و الأنصافِ قرود حقاً قبل النبی آدم، لبین الله لنا ذلک بأسلوب واضح وسلس الفهم.
وانطلاقا من حقیقة کون القرآن میسر للفهم و شدید الوضوح فإنه یمکن الجزم بأن ادعاءات النمو و اللارتقاء و الخَلْقِ التطوّریِ إنما هی ادعاءات کاذبة .


Evolutionist scientists draw their strength from forgeries, distortions, and works of fantasy, and not, as some Muslims think, from scientific evidence. Reconstructions are an example of these distortions.Evolutionists shape features that leave no trace in the fossil record (e.g., the appearance of nose and lips, hair style, the shape of the eyebrows, and body hair) in order to support evolution. They portray these imaginary creatures as walking with their families, hunting, or engaged in some other aspect of daily life. Yet none of these creatures is supported by the existence of even one fossil.

1. عدم صحة کون الإنسان قد خُلِقَ من خلال المراحل التطوّریة 

"مَّا لَکُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَکُمْ أَطْوَارًا" ( سورة نوح، الآیات 14،13 )

أولئک الذین یَدْعمونَ الخَلْقَ التطوّریَ یُفسرون "أَطْوَارًا" وکأنها تعنی المرور بمراحلِ خلق تطوّریةِ.
على أیة حال، فإن تفسیر الکلمةِ العربیةِ "أَطْوَارًا"  على أنها إشارة إلى مراحل خلق تطوّری، لا یتعدى کونه رأی شخصی، و لَمْ تُقْبَلُ بالإجماع مِن قِبل کُلّ علماء المسلمین.

وکلمة "أَطْوَارًا" - حال - هی جمعُ "طور"، و لا تَظْهرُ فی هذه الصیغة فی أیة آیة قرآنیة أخرى.
تفسیرات العالمِ الإسلامیِ لهذه الآیة تُبیّنُ هذه الحقیقةً.

یفسر الإمام الطبری هذه الآیة فیقول :" وقد خلقکم حالاً بعد حال, طورا نُطْفة, وطورا عَلَقة, وطورا مضغة " 44
یفسر Omar Nasuhi Bilmen الآیة نفسها فیقول:" لقد خلقکم الله على مراحل مُخْتَلِفةِ. فلقد کنتم فی بادىء الأمر نطفة ، ثم صرتم علقة ، ثم أصبحتم بعد ذلک مضغة، ثمّ بعد ذلک أنشأکم الله بشرا . ألَیستْ کُلّ هذه الحوادثِ والتغییراتِ المتجانسة والنموذجیةِ ببراهین شدیدة الوضوح على قوَّة، وعظمة الله الخالق ؟ لم لا تتفکرون فی خلقکم أنتم ?" 45

کما نَرى هنا، یُتفقُ علماء القرآن المسلمَون على أن تفسیر الآیة 14 من سورة نوح یشیرُ إلى عملیةِ تطورِ الإنسانِ  بدءا مِنْ اتحاد المنی مع البویضة.

و انطلاقا مِنْ مبدأِ " تفسیر القرآن بالقرآن " فلقد فسرعلماء القرآن المسلمَون هذه الآیة أعلاه کماسبق ذکره لأن اللهِ یفسرلنا من خلال آیاتِ أخرىِ تُوضّحُ  لنا أن مراحلَ الخَلْقِ المشار إلیها هی التی تکون داخل رحمِ الأمَّ.
و لِهذا فإن کلمة " أَطْوَارًا " یَجِبُ أَنْ تُفسرمن هذا المنطلق.

لاْ مُبرّرْ لإسْتِعْمال الکلمةِ کتدعیم لنظریةِ التطورِ، و التی تُحاولُ رَبْط أصولِ الإنسان بسلالات وأنواع أخرىِ من الکائنات الحیّةِ.


2. عدم صحة احتواء القرآن على إشارات دالة على العملیةِ التطوّریةِ

"هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِینٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ یَکُن شَیْئًا مَّذْکُورًا(سورة الإنسان ، الآیة 1).

یَستعملُ نفس الناسِ هذه الآیةِ أیضاً کدلیل على التطورِ.
ففی التفسیرات المستندة للأهواء الشخصیِة، فإن التعبیر " لَمْ یَکُن شَیْئًا مَّذْکُورًا" یفسر على أنه " حالات سابقة مرَبها الإنسان قبل أن یصیرإنسانا على صورته الحالیة "

إلا أن هذا الإدّعاءِ بعید کل البعد عن الحقیقةِ کغیره من الادعاءات الباطلة الأخرى.
مُحَاوَلَة إستعمال هذا التعبیرِ کدلیل للتطورِ یعتبر إجبارا للتفسیر للسیر فی اتجاه معین .
و فی الحقیقة، فإن علماء القرآن لا یُفسرونَ هذه الآیة على أنها إشارة إلى عملیة تطوّریة.

lam yakun :
he was not
shay'an :
a thing
madhkuran :
mentioned

على سبیل المثال، یعلق Hamdi Yazirعلى هذه الآیة التعلیقات التالیة: " فی البِدایة کَانتْ العناصرَ والمعادنَ، ثمّ بعد ذلک خلقت منها على مراحل عناصر الغذاء النباتیة والحیوانیة - "سُلالَةٍ مِّن طِینٍ " ( سورة المؤمنون ، الآیة 12 ). ثمّ بعد ذلک ، بدأ شیءَ ما تدریجیاً وببطء شدید فی الانبثاق من الحیوان المنوی الذی قد رُشّحَ من هذه السلالة التی هی من طین السابق ذکرها . إلا أن ذلک الشىء لم یکن هو المخلوق المسمى إنسان . وکما أن الجنس البشری لا أبدیّ ، فکذلک مادته ؛ والتی انبثقت لاحقاً. فلقد وجد الإنسان فی هذا الکون بعد فترة طویلة من بدایة الخلیقة وخلق الله لهذا الکونِ"46

یُوضّحُ Omar Nasuhi Bilmen الآیة بهذه الطریقة: " تُعلنُ هذه الآیات أنّ اللهِ قد خَلقَ الإنسان من قطرة ماءِ لیرى ویسَمْع فی الوقت الذی لم یکن فیه هذا الإنسان شیئا ،  وبأنّه - أی الله سبحانه وتعالى - قد وَضعَ هذا المخلوق - الإنسان - تحت الاختبار. …  فالجنس البشری لَمْ یکن موجودا فی البِدایة ، إلا أنه قد خُلِقَ لاحقاً من سلالة من طین کجسد ذی شکل . ذاک المخلوق - الإنسان - لَمْ یکن معْروفا آنذاک ، فاسمه وسبب خلقه کَانا لغزا بالنسبة لسکنةِ الأرض والسماواتِ . ثمّ بعد ذلک ذکر هذا الإنسان بأَن  له روح "47

یُوضّحُ الإمامُ الطبری معنى الآیة فیقول :" ومعنى قوله: لَمْ یَکُنْ شَیْئا مَذْکُورا: لم یکن شیئا له نباهة ولا رفعة, ولا شرف, إنما کان طینا لازبا وحمأ مسنونا."48

لهذا السبب، فإن تفسیرالتعبیرِ عن الوقتِ فی هذه الآیةِ کفترة تطوّریة یعتبر رؤیة شخصیةُ بحتة.


3. عدم صحة کون الخَلْقِ من الماءِ یُشیرُ إلى الخَلْقِ التطوّری

" إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِیهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِیعًا بَصِیرًا " (سورة الإنسان ،الآیة 2)

أولئک الذین یُدافعونَ عن محاولةِ الخَلْقِ التطوّریِ یحاولون استخدام حقیقة کون الإنسان قد خلق من الماءِ - وهی حقیقة تخبرنا بها العدید من الآیات - کدلیلَ على أن کُلّ الکائنات الحیّة انبثقت و نشأت من الماءِ هی الأخرى.

على أیة حال، فإن مثل هذه الآیاتِ یفسر دائماً مِن قِبل العلماءِ والمفسرین على أنه إشارة إلى الخَلْقِ الناتج عن التحام المنی والبویضة.

على سبیل المثال، یُعلّقُ  Mohamed Hamdi Yazir على الآیة أعلاهِ کالتّالی:" …  خُلِقَ الإنسان مِنْ نطفة من ماءِ. والنطفة هی الماءُ الخالص . والنطفة هی أیضاً السائل المنوی . ومن المتعارف علیه أن النطفة والسائل المنوی لَهُما نفس المعنى. إلا أنه فی نهایةِ سورة القیامة یَقُولُ الله سبحانه وتعالى" أَلَمْ یَکُ نُطْفَةً مِّن مَّنِیٍّ یُمْنَى  " ( سورة القیامة ، الآیة 37) ، وفی هذا إشارة إلى أنّ النطفة جزء من المنی . وکما هو مذکور فی صحیح مسلمِ، أن الأطفال لا یَجیئونَ مِنْ السائلِ کله. والحدیث ، کونه یَتکلّمُ عن کُلّ جزء صَغیر من الکلِ ، لا یَقُولُ، " أجزاء السائل کلها " ولکن یتکلم عن أحد أجزاء " السائل  کله " وأن الطفل لا یَجیءُ مِنْ السائلِ کله ، ولکن مِنْ جزء واحد فقط منه. فالنطفة ما هی إلا إحدى أجزاء المنی الخالصة"49

و یُفسرها إبن الطبری بقوله:" إنا خلقنا ذرّیة آدم من نطفة, یعنی: من ماء الرجل وماء المرأة "50

أما Omar Nasuhi Bilmen فیوضّحُها بالإسلوبِ التالی:" … ( إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ...)
أی شکّلنَاه من خلیط سائلی الذکرِ والأنثى . نعم …  فإن البشر کَانوا - لفترة زمنیة معینة - نطفة ، أی ماء صاف شدید النقاء ، وبعد ذلک - ولفترة زمنیة معینة کذلک - علقة ، أی کتلة متجلطة من الدمِّ ، وبعد ذلک مضغة، أی کتلة من اللحمِ . ثم بعد ذلک ، کونت العظام وکسیت لحما ، ثم إذا بها تنبض بالحیاة "51

,کما رَأینَا مِنْ هذه التفسیراتِ، فإنه لیس هناک علاقة بین خَلْقِ الإنسان مِنْ " نطَفة أمشاج " وبین إدّعاءِ نظریة النمو و الارتقاء بأن الإنسانِ قد نشأ تدریجیاً على مراحل مِنْ  خلیة وحیدة تطوّرتْ بِمحض الصُّدفَة فی الماءِ.

وکما ذَکر کُلّ علماء القرآن الأجلاء ، فإن هذه الآیة إنما تلفت إنتباهِنا إلى حقیقةِ الخَلْقِ داخل رحمِ الأمَّ.

عندما نتَفْحصُ آیة أخرى تناقش مراحلَ الخَلْقِ الإنسانیِ ، یظهر لنا الخطأ الأساسی فی هذه التعلیقاتِ بوضوح ، یقول الله جل وعلا :

"یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِن کُنتُمْ فِی رَیْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَیْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَیِّنَ لَکُمْ وَنُقِرُّ فِی الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُکُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّکُمْ وَمِنکُم مَّن یُتَوَفَّى وَمِنکُم مَّن یُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِکَیْلَا یَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَیْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن کُلِّ زَوْجٍ بَهِی" ( سورة الحج ، الآیة 5)

وتصف لنا هذه الآیة مراحل خَلْقِ الإنسان.
التُرَابٍ، أولى هذه المراحل وهوعبارة عن خلیط من المواد العضویة وغیر العضویة، والتی توَجِدُ فی صورِها الأولّیةِ فوق سطح الأرضِ وفی باطنها ، هو المادة الخامُ التی تَتضمّنُ المعادنَ والعناصرَ الأساسیةَ فی الجسمِ الإنسانیِ.
المرحلةَ الثانیةَ هی تجمع هذه الموادِ فی السائلِ المنویِ، والذی یصُفُه القرآنِ بلفظ  " نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ".

وتَحتوی هذه النطِفة على الحیوان المنَوی الذی یَمتلکُ الخصائص الجینیة الوراثیةَ والهیکل التنظیمی الضروری لتَخْصیب البویضة داخل رحمِ الأمَّ.

باختصار، فإن المادة الخام للإنسان هی(تُرَابٍ) الأرض، والذی یجمعُ خلاصته فی نطفة من منی یمنى بالطریقة التی تؤدی إلى تکوین الإنسان بأمر الله .

ویعقب مرحلةِ الماءَ , مراحل تطور الإنسانِ داخل رحمِ الأمَّ .
وتلک المراحل یصُفها القرآنِ.

نظریة النمو والاِرتقاء ، من الناحیة الأخرى، تَفترضُ وجودَ ملایینِ المراحلِ الانتقالیة الافتراضیةِ (الخلیة الأولى، مخلوقاتَ أحادیة الخلیة، مخلوقات متعددة الخلیة، لا فقریات، فقریّات، زواحف، ثدییات، قرود، ومراحل مماثلة لا تعد ولاتحصى ) بین نشأة الحیاةِ من الماءِ إلى تکون الإنسانِ کهیئته الحالیة.

على أیة حال ، فإنه من الواضح أن التسلسلِ الذی تعرضه الآیة ِ لیس فیه مثل هذا المنطقِ أَو الوصفِ، فالإنسان یصیر علقة بعد أن کان قطرة ماءِ.

لهذا السبب، فإنه من الواضح أنّ الآیة لا تَصِفُ المراحلَ التطوّریةَ المختلفةَ التی مَرّ بها الإنسان مِن قِبل أن یصیر إنسانا ، بل بالأحرى ، فإنها تَصِفُ مراحلَ الخَلْقِ مِنْ قبل ذلک وداخل رحمِ الأمَّ و حتى الشیخوخةَ.

و کذلک الآیات الأخرى التی تُصرّحُ بأنّ البشرِ والکائنات الحیّةِ الأخرى خُلِقا مِنْ الماءِ لا تَحتوی على أی معنى یُمْکِنُ أَنْ یُستَعملُ لدَعْم النمووالارتقاء.

الآیات التالیةَ من بین تلک التی تَحتوی على مثل هذه البیاناتِ:

"أَوَلَمْ یَرَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ کَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء کُلَّ شَیْءٍ حَیٍّ أَفَلا یُؤْمِنُونَ" (سورة الأنبیاء ، الآیة 30 )

"وَاللَّهُ خَلَقَ کُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن یَمْشِی عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن یَمْشِی عَلَى رِجْلَیْنِ وَمِنْهُم مَّن یَمْشِی عَلَى أَرْبَعٍ یَخْلُقُ اللَّهُ مَا یَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ" ( سورة النور، الآیة 45 )

"وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَیْنِ الذَّکَرَ وَالأنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَیْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى" ( سورة النجم ، الآیة 45-47)

min:
from
nutfatin:
nutfah, sperm-drop
idha:
when...
tumna:
be spurted forth

"أَلَمْ یَکُ نُطْفَةً مِّن مَّنِیٍّ یُمْنَى " ( سورة القیامة ، الآیة 37 )

nutfatan:
nutfah, a drop of water
min:
from
maniyin:
sperm
yumna:
being ejaculated

"فَلْیَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ  * یَخْرُجُ مِن بَیْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ" ( سورة الطارق، الآیة 5-7 )

khuliqa:
was created
min:
from
ma'in:
water
dafiqin:
suddenly erupting, spurting, being caused to flow

البعض من مفسری القرآن یَعتقدونَ بأنّ " ..وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء کُلَّ شَیْءٍ حَیٍّ.. " تحتوی على معنى یَوازی نظریةَ التطورِ.على أیة حال، فإن  وجهةِ النظر هذه  متصدعة  تماما.

تَکْشفُ الآیاتَ أنّ الماءِ هی المادة الخامُ للکائنات الحیة بالقول بأنّ کُلّ الکائنات الحیّة خُلِقتْ من الماء.

فی الحقیقة، فلقد کَشفَ عِلْمَ الأحیاء الحدیثَ عن أنّ الماءِ هو المکوّنُ الأساسی لکُلّ الأجسام الحیّة، فجسمِ الإنسان 70 بالمائة منه تقریباً ماءُ ؛ فالماءُ یَسْمحُ بالحرکةِ داخل الخلیةِ ، و بین الخلایا ، وبین الأنسجةِ  فبدونه ، لَنْ تکون هناک حیاة.

 

4. عدم صحة کون الخَلْقِ من التُرَابٍ ثم من الماءِ یُشیرُ إلى الخَلْقِ التطوّریِ

"قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ یُحَاوِرُهُ أَکَفَرْتَ بِالَّذِی خَلَقَکَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاکَ رَجُلا" (سورة الکهف ، الآیة 37) 

یعلق الإمامِ الطبری على هذه الآیة کالتّالی :" یقول تعالـى ذکره: قال لصاحب الـجنتـین صاحبه الذی هو أقلّ منه مالاً وولدا, وَهُوَ یُحاوِرُهُ: یقول: وهو یخاطبه ویکلـمه: أکَفَرْتَ بـالّذِی خَـلَقَکَ مِنْ تُرَابٍ یعنـی خـلق أبـاک آدم من تراب ثُمّ مِنْ نُطْفَةٍ یقول: ثم أنشأک من نطفة الرجل والـمرأة, ثم سوّاک رَجُلاً یقول: ثم عَد لک بشرا سویا رجلاً, ذکرا لا أنثى, یقول: أکفرت بـمن فعل بک هذا أن یعیدک خـلقا جدیدا بعد ما تصیر رفـاتا "52

ویعلق Omar Nasuhi Bilmen على نفس  الآیة قائلا : " أتکفرُ بالله العظیمَ الذی خَلقَ النبی آدم ، أصل سلالتک وسببِ خَلْقِکَ ،
(مِنْ التراب) ، والذی بعد ذلک خَلقَک و- شکّلک کإنسان بعد أن خَلْقک - مِنْ نطفة ومن قطرة حیوان منوی ، مَنْ الذی أتى بک إلى الوجود وجعلک إنسانا  کاملا کنتیجة لمراحلِ مختلفةِ مِنْ الحیاةِ ؟ لأن إنْکار الدار الآخرة إنما یعنی إنکار وجود الله العظیمَ، الذی یخبرکَ بما سَیحْدثُ والذی هو قادر على أن یجعل ما یخبرک به حادثا بالفعل"53

کما  یُشیر هؤلاء المفسرون، فإن إستعمال مثل هذه الآیات کدلیل على الخَلْقِ التطوّریِ إنما هو اجتهاد شخصی بحت لیس إلا، حیث أنها من المستحیل أن تحتوی هذه الآیات على تلک المعانی التی یَنْسبها إلیها النشؤیون.

إن التعبیرَ " خَلَقَکَ مِن تُرَابٍ " إِنما یَصِفُ خَلْقَ النبی آدم، والخَلْق مِنْ الماءِ یُشیرُ إلى تطورِ الإنسان ، بَدْءا بالمنیِ.

فی الآیة التالیة أدناه نجد ُالإشارة المباشرة إلى أن اللهِ قد خَلقَ الإنسان مِنْ الطینِ المُجَفَّفِ.

وهذه الآیة، التی تَصِفُ خَلْقَ النبی آدم، لا تَتکلّمُ عن المرحلیة ، حیث یقول الله تعالى:

"وَإِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلاَئِکَةِ إِنِّی خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّیْتُهُ وَنَفَخْتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِینَ " ( سورة الحجر ، الآیة 28 - 29 )

وإذا  قرىء التفسیرِ القرآنی لمراحلِ الخَلْقِ  بعنایة، مع الأْخذُ فی الاعتبار العملیاتَ المتتالیةَ، سَیُدرکُ فوراً عدم صحة مثل هذه النظرة التطوّریةِ .

یَحتوی القرآنُ على العدید مِنْ الآیات التی تُشیرُ إلى أنّ النبی آدم، علیه السلام، لَمْ یخْلَقُ على مراحلِ تطوّریةِ ، یقول الله تعالى :

"إِنَّ مَثَلَ عِیسَى عِندَ اللّهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ کُن فَیَکُونُ " (سورة آل عمران ، الآیة 59)

تنصُ الآیةَ أعلاهَ على أنّ اللهِ قد خَلقَ النبیین آدم وعیسى، علیهما السلام ، بالطّریقة نفسها.

کما أکدنَا فی وقت سابق، فإن النبی آدم خُلِقَ مِنْ الأرضِ، دون أب أو أم ، بأمر اللهِ " کن! "وکذلک نبی الله المسیح عِیسَى بن مریم أیضاً خُلِقَ بدون أبِّ، بإرادةِ اللهِ التی أبداها منَ خلال أمره " کن! " وبواسطة هذ الأمر، أصبحَت السیدة مریم ، علیها السلام،  حاملاً فی نبی الله المسیح عِیسَى بن مریم ، یقول الله فی کتابه العزیز :

"فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَیْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِیًّا * قَالَتْ إِنِّی أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنکَ إِن کُنتَ تَقِیًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّکِ لِأَهَبَ لَکِ غُلَامًا زَکِیًّا * قَالَتْ أَنَّى یَکُونُ لِی غُلَامٌ وَلَمْ یَمْسَسْنِی بَشَرٌ وَلَمْ أَکُ بَغِیًّا * قَالَ کَذَلِکِ قَالَ رَبُّکِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آیَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَکَانَ أَمْرًا مَّقْضِیًّا " ( سورة مریم ، الآیة 17 - 21 )

فی الآیات الأخرى التی تُشیرُ إلى الخَلْقِ مِنْ الماءِ والتراب ، فإن التی توصف لَیسَت مراحلَ الإنسان التطوّریةِ ، وإنما التی تصفها هذه الآیات هی مراحلَ الخَلْقِ الإنسانیِ قبل الرحمِ، و أثنائه ، وبعد الولادةِ.

"یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِن کُنتُمْ فِی رَیْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَیْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَیِّنَ لَکُمْ وَنُقِرُّ فِی الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُکُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّکُمْ وَمِنکُم مَّن یُتَوَفَّى وَمِنکُم مَّن یُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِکَیْلَا یَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَیْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن کُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ" ( سورة الحج ، الآیة 5 )

"هُوَ الَّذِی خَلَقَکُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ یُخْرِجُکُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّکُمْ ثُمَّ لِتَکُونُوا شُیُوخًا وَمِنکُم مَّن یُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ" ( سورة غافر ، الآیة 67 )

"مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى " ( سورة النجم ، الآیة 46 )

5. عدم صحة کون الإنسان قد خلق على فترات زمنیة متباعدةِ

" إِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلائِکَةِ إِنِّی خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِینٍ " ( سورة ص ، الآیة 71 )

خطأ آخر فی الخَلْقِ التطوّریِ یَنْجمُ عن التفسیرِ الخاطىءِ للآیة أعلاهِ.

یَدّعی النشؤیون بأنّ العبارةَ المُؤَکَّدةَ أعلاهِ  تُشیرُ إلى أن الله قد خَلقً الإنسان بَبطءَ على مراحل بمرور الوقت.

على أیة حال، فإن نص الآیة المبین أعلاه – دون أن یترجم - یجعله من الواضح تماما بأنّ وجهة النظرالسابقة لا تتعدى کونها وجهة نظر شخصیة و متناقضة کلیَّاً.

وآیة " إِنِّی خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِینٍ "  إنما المقصود منها - تفسیرها - قصر الخلق على الله وحده لا شریک له ، فهو الذی خلق البشر من طین.
فالآیة لا  تشیر إلى أى فعل خلق مستقبلی مثل "سوف أَخْلقُ" .

فی الحقیقة، فإن نص الآیات لایقتصر على ذلک فقط ، إنما یقول الله بعد ذلک فی الآیة التی تلیها مباشرة،


The Originator of the heavens and earth. When He decides on something, He just says to it, " Be" and it is.
(Qur'an, 2:117)

" فَإِذَا سَوَّیْتُهُ وَنَفَخْتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِینَ "

ومنها یتضحُ أنْ هذا الفعلِ یَحْدثَ لحظیا أی فی توه ولحظته.
وبالفعل فإنه لا یوجد عالم قرآنی  یُفسر معنى الآیة على أنها "سوف أَخْلقُ" .
على سبیل المثال، یعلق Suleyman Ates - وهوعالم ترکی مسلم - على هذه الآیة فیقول:

" إِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلائِکَةِ إِنِّی خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِینٍ "

أخبرَ اللهُ الملائکةَ بأنه سیَخْلقُ إنسانا من الطینِ الفاسدِ. بعد إعْطاء الشکلِ الإنسانیِ الطینیِ والنفخ فیه من روحه ، ثم أمر الملائکةَ أن یسجدوا له.
ولقد سجدوا له جمیعاً إلا إبلیس أبى أن یسجد لآدم ِ، قائلا بأنّه کونه قد خُلِقَ مِنْ نارِ أفضل مِنْ الإنسان الذی خلق مِنْ طینِ.

یُفسر الإمامُ الطبری نفس الآیة بقوله :"   وقوله: إذْ قالَ رَبّکَ من صلة قوله: إذْ یَخْتَصِمُونَ, وتأویـل الکلام: ما کان لـی من علـم بـالـملأ الأعلـى إذ یختصمون حین قال ربک یا مـحمد للْـمَلائِکَةِ إنّـی خالِقٌ بَشَرا مِنْ طِینٍ یعنـی بذلک خـلق آدم.
 

وقوله: فإذَا سَوّیْتُهُ وَنَفَخْتُ فِـیهِ مِنْ رُوحی یقول تعالـى ذکره: فإذا سوّیت خـلقه, وعَدّلْت صورته, ونفخت فـیه من روحی, قـیـل: عنى بذلک: ونفخت فـیه من قُدرتـی. ذکر من قال ذلک:

حُدثت عن الـمسیب بن شریک, عن أبـی روق, عن الضحاک وَنَفَخْتُ فِـیهِ مِنْ رُوحی قال: من قدرتـی.
  فَقَعُوا لَهُ ساجِدِینَ یقول: فـاسجدوا له وخِرّوا له سُجّدا. "54

أولئک الذین یُدافعونَ عن الخَلْقِ التطوّریِ یَستشهدُون بالآیة التالیِة أیضاً لدَعْم الفرض بأن الإنسانِ قد خُلِقَ من خلال المرور بمراحل عملیة معینة:

"الَّذِی أَحْسَنَ کُلَّ شَیْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِینٍ " ( سورة السجدة ، الآیة 4)

طبقاً لتفسیراتِ مثل هؤلاء الناسِ، یُشیرُ التعبیرُ المُؤَکَّد إلى عملیة معینة، و فی هذه الحالةِ عملیةَ تطوّریةَ.
إلا أِنَّها فی حقیقة الأمرلا تُشیرُ إلى أی شیء من هذا القبیل مطلقاً.

کما قد أکدنا من قبل من خلال هذا الکتابِ ، فإن عدد کبیر من الآیاتِ تَصِفُ بالتفصیل خَلْق اللهِ مِنْ عدمِ، ولا یمکن أن تُفسر أی منها على کونها إشارة لعملیةَ تطوّریةَ. تُشدّدُ الآیاتَ التالیةَ بأنّ اللهِ فی حالةٍ ثابتة مِنْ الخَلْقِ.

"أَمَّن یَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ وَمَن یَرْزُقُکُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أءِ لَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَکُمْ إِن کُنتُمْ صَادِقِینَ" ( سورة النمل ، الآیة 64 )

"أَوَلَمْ یَرَوْا کَیْفَ یُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ إِنَّ ذَلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیرٌ" ( سورة العنکبوت ، الآیة 19 )

"اللَّهُ یَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ ثُمَّ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ" ( سورة الروم ، الآیة 11 )

خَلْق اللهِ المستمرلأدق التفاصیل فی هذا الکونِ لا یَدْلُّ على التطورِ.
مثله کمثل غیره من التفاسیر ، فإن هذا التفسیر یعتبر تحامل على المعنى المرجو إیصاله.
علاوة على ذلک، فعندما یؤخذ القرآن کوحدة واحدة ، فإن مثل هذا الزعمِ یتبیّن بأنه لا أساس له من الصحة. 
یفسرُ Omar Nasuhi Bilmen الآیة کالتالی :" …  خَلقَ النبی آدم مِنْ الأرضِ ، من التراب"55

ویقول الإمام الطبری:"   یقول تعالـى ذکره: الله تعالـى یبدأ إنشاء جمیع الـخـلق منفردا بإنشائه من غیر شریک ولا ظهیر, فـیحدثه من غیر شیء, بل بقدرته عزّ وجل, ثم یعید خـلقا جدیدا بعد إفنائه وإعدامه, کما بدأه خـلقا سویا, ولـم یک شیئا ثُمّ إلَـیْهِ تُرْجَعُونَ یقول: ثم إلـیه من بعد إعادتهم خـلقا جدیدا یردّون, فـیحشرون لفصل القضاء بـینهم و لِـیَجْزِیَ الّذِینَ أسَاءُوا بِـمَا عَمِلُوا, وَیَجْزِیَ الّذِینَ أحْسَنُوا بـالـحُسْنَى."56

یَستشهدُ النشؤویون المسلمون بالآیاتِ التالیة  لتدَعْیم موقفهم:

" یَا أَیُّهَا الإنسَانُ مَا غَرَّکَ بِرَبِّکَ الْکَرِیمِ * الَّذِی خَلَقَکَ فَسَوَّاکَ فَعَدَلَکَ * فِی أَیِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَکَّبَکَ " ( سورة الإنفطار ، الآیة 6-8 )

وإذا ما فسرت هذه الآیة على أنها إشارة لمراحل الخلق التطوری ، فسیصیر هذا التفسیر أیضا مثله کمثل غیره من التفاسیر ، تحاملا على المعنى المرجو إیصاله ، و یُفسر Hamdi Yazirالآیة کالتّالی :" طبقاً لتفسیر المقاتل ، فإن التعبیر الإلهی "بَلَى قَادِرِینَ عَلَى أَن نُّسَوِّیَ بَنَانَهُ " والمذکور فی سورة القیامة فی الآیة 4  مَعْناه بأنّ الجسمَ مُتَناسَبُ بشکل جیدُ وبِنظام، تماما کدقة مُطابقة وتفاصیل الأعضاء التوأمیةِ (ومثال على ذلک:  العینان، الأذنان، الیدان، والقدمان) والمعروفة مِنْ عِلْمِ التشریح"57

طبقاً Abu Ali Farisi ، فإن التعبیر "فَعَدَلَکَ" یَعْنی فی الحقیقة :" "شکّلَک فی الشکلِ الأکثر جمالاً ، وبهذا القدر من التناسب أعطاک القدرة على التفکر والاستدلال ، و وأعطاَک السیادةَ على النباتاتِ ومختلف الکائنات الحیّةِ الأخرى . ولقد فضلک على سائر مخلوقات هذا العالم ِبأن جعلک أکثر نضجا. وهذا یتفق مع الآیات التالیة "فَإِذَا سَوَّیْتُهُ وَنَفَخْتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِینَ " ( سورة الحجر، الآیة 29) و"وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّیِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى کَثِیرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِیلاً " (سورة الإسراء ، الآیة 70). کُلّ هذا ما هو إلا رحمة من الله وفضل"58
 
یفسر Omar Nasuhi Bilmen الآیة  :" نعم ، إلهک ( الَّذِی خَلَقَکَ ) الذی أعطاَک الهیئة مِنْ العدمِ ( فَسَوَّاکَ ) ، وأعطاَک أعضاء صحیحةَ ومثالیةَ ( فَعَدَلَکَ ) . لقد قسّمَ أعضائکَ ، بشکل جمالی یسر الناظرین وبترتیب طبیعی "59

یَذْکرُ الإمامُ الطبری أن الآیة 7 من سورة الإنفطار تشیرُإلى أَنْ الله قد خلَقَ الإنسان بترتیب معین :" یقول: الذی خلقک أیها الإنسان فسوّى خلقک فَعَدَلکَ...... وأمالک إلى أیّ صورة شاء, إما إلى صورة حسنة, وإما إلى صورة قبیحة"60
وکما هو ظاهر مِنْ التفسیرات أعلاهِ، فالبیانات والدلالات واضحة تماماً؛ فهی تُشیر إلى خلق اللهِ  الصحیحِ ، المنظم ، الکاملِ للإنسان الأولِ . 
وبالفعل ، فإنه تُوْجَدَ فی العدید مِنْ الآیاتِ الأخرى بیانات أخرى مماثلة.
فعلى سبیل المثال، فی سورة السجدة ، الآیات 7-9

"الَّذِی أَحْسَنَ کُلَّ شَیْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِینٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِینٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِیهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِیلا مَّا تَشْکُرُونَ" 

 وکلمةَ "خَلْق" قد إستعملت أولاً فی هذه الآیاتِ، ثمّ تلاها القَول بخَلقَ العیونَ، والآذان، والقلوب.
وهکذا، فإنما یخبَرُنا الله بأنّ کُلّ هذه المراحلِ حَدثتْ فی نفس الوقت؛ بمعنى آخر، بأنّ  عیون الإنسان الأولِ ،و آذانه، وقلبه قد خُلِقتْ سویة، وفی لحظةِ واحدة.

وإنه لخطأ کبیر أن تفسرهذه الآیاتِ بأنها إشارة إلى نمووارتقاء الإنسان.
فی الحقیقة، فإن العلماءَ الإسلامیینَ الأجلاءَ کُلهمّ یتفقُون حول تفسیرِ هذه الآیة.
على سبیل المثال، الإمام الطبری یَقُولُ :" ثم سوّى الإنسان الذی بدأ خـلقه من طین خـلقا سویا معتدلاً, ونَفَخَ فِـیهِ مِنْ رُوحِهِ فصار حیا ناطقا وَجَعَلَ لَکُمُ السّمْعَ والأبْصَارَ والأفْئِدَةَ, قَلِـیلاً ما تشْکُرُونَ یقول: وأنعم علـیکم أیها الناس ربکم بأن أعطاکم السمع تسمعون به الأصوات, والأبصار تبصرون بها الأشخاص والأفئدة, تعقلون بها الـخیر من السوء, لتشکروه علـى ما وهب لکم من ذلک "61

ویقول   Omar Nasuhi Bilmen :" أَمرَ الله الإنسان الذی بَدأَ یتشکل ، وأکملَ جسده و هو ما زالَ فی رحمِ أمِّه، وشکّلَه بالأسلوبِ الملائمِ فی أحسن تقویم (وبعد ذلک نفخ فیه من روحه). أی أن الله ، أعطاَه الحیاةَ وألهمَه القدرةَ الحیویةَ فی روحِه  …  الله منحک مثل هذه القدرات المفیدةِ (السمع) والتی بفضلها یمکنک أن تَسْمعْ الکلمات التی تقال إلیک ، وخَلق عینَیکِ وقلبَکِ والتی بها یمکن أن تَرى ما حولک وتُمیّزُ بین  ما هو مفیدُ وما هو دون ذلک. وکُلّ هذه ، إنما هی نعم إلهیة عظیمة "62

6. عدم صحة عدم کون آدم علیه السلام أول البشریة

إدّعاء آخر یقدّمَه أنصارالخَلْقَ التطوّریَ ینص على أنّ النبی آدم، علیه السلام، من المُمکنُ أَلاْ یَکُونَ هو أولَ إنسان خَلْقَه الله بل وربما لم یکن إنسانا من الأساس.

(ونحن نُبرّئُ النبی آدم، علیه السلام من هذا الادعاء). وتقدم الآیة التالیةَ کدلیل على هذا:

"وَإِذْ قَالَ رَبُّکَ لِلْمَلاَئِکَةِ إِنِّی جَاعِلٌ فِی الأَرْضِ خَلِیفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِیهَا مَن یُفْسِدُ فِیهَا وَیَسْفِکُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَنُقَدِّسُ لَکَ قَالَ إِنِّی أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" (سورة البقرة ، الآیة 30)

أولئک الذین یَدْعمونَ هذا الإدّعاءِ یقولون أن الفعلِ " جعل " فی التعبیرِ " جاعل فی الأرض خلیفة " یَعْنی" التَعیین".
بمعنى آخر، یَقترحونَ بأنّ النبی آدم ما کَانَ أولَ من خلق الله من بنی البشر ، بل بأنّه
قد "عُیّنَ" خلیفة لله على عدد مِنْ الناسِ.
على أیة حال، فإن هذا الفعلِ فی القرآنِ لَهُ المعانی التالیةُ:

یخَلْق، یَخترعُ، یُترجمُ، یصنع، یضع فی مکان ما و کذلک أن یُعید.
بَعْض أمثلةِ آیات القرآن التی استعمل فیها الفعلِ " جعل " :

"خَلَقَکُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَکُم مِّنْ الأْنْعَامِ ثَمَانِیَةَ أَزْوَاجٍ یَخْلُقُکُمْ فِی بُطُونِ أُمَّهَاتِکُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِی ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَلِکُمُ اللَّهُ رَبُّکُمْ لَهُ الْمُلْکُ لاَ إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ" ( سورة الزمر ، الآیة 6 )

"قُلْ هُوَ الَّذِی أَنشَأَکُمْ وَجَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَالأَْبْصَارَ وَالأَْفْئِدَةَ قَلِیلاً مَّا تَشْکُرُونَ" ( سورة الملک ، الآیة 23 )

"وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِیهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا " ( سورة نوح ، الآیة 16)

"وَاللَّهُ جَعَلَ لَکُمُ الأَْرْضَ بِسَاطًا " ( سورة نوح ، الآیة 19)

کما یمکن رؤیته مِنْ الآیات أعلاهِ , فإن للفعلِ " جعل " معان مُخْتَلِفةُ.
علاوة على ذلک،  فالعِدید من الآیات تُصرّحُ بأنّ النبی آدم، علیه السلام، خُلِقَ مِنْ ترابِ. هذه الآیات تُوضحُ بأنّ النبی آدم، علیه السلام، ما کَانَ مجرد رجلا عادیا من ضمن باقی الرجال ، بل کان ذا خَلْق خاصّ ومختلف.
یَکْشفُ لنا القرآنُ حقیقةَ أخرىغایة فی الأهمیةَ بخصوص النبی آدم و هی هبوطه مِنْ جنّة عدنِ. تقُولُ الآیات:

"یَا بَنِی آدَمَ لاَ یَفْتِنَنَّکُمُ الشَّیْطَانُ کَمَا أَخْرَجَ أَبَوَیْکُم مِّنَ الْجَنَّةِ یَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِیُرِیَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ یَرَاکُمْ هُوَ وَقَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّیَاطِینَ أَوْلِیَاء لِلَّذِینَ لاَ یُؤْمِنُون" ( سورة الأعراف ، الآیة 27)

"وَقُلْنَا یَا آدَمُ اسْکُنْ أَنتَ وَزَوْجُکَ الْجَنَّةَ وَکُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَیْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَکُونَا مِنَ الْظَّالِمِینَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّیْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا کَانَا فِیهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَکُمْ فِی الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِینٍ" ( سورة البقرة ، الآیة 35-36)

إنّ بیاناتَ الآیات واضحة جداً.
خَلقَ اللهُ النبی آدم، علیه السلام، مِنْ الترابِ.

وأن النبی آدم ذو خَلْق خاصّ  ظَهرَ بدایة مِنْ خلال تواجدِه فی الجنة وبعد ذلک مِنْ بعد هبوطه منها.
و بالرغم من کل تلک الدلالات الواضحة فإن النشؤیین المسلمین یتغاضون عنها تماما  ویَزْعمُون بأنّ "الجنة" المشارإلیها هنا لیست جنة الآخرة وإنما هی إشارة إلى منطقة جمیلة على الأرضِ، على الرغم مِنْ حقیقة کون القرآنِ قد حدَد العدید مِنْ صفات وممیزّاتِ  جنة النبی آدم التی خُلِقَ فیها.

فعلى سبیل المثال، تلک الجنة تَحتوی على کل من الملائکة والشیاطین، وتَتکلّمُ الملائکةَ مع اللهِ.
وإنه من الخطأ إصدار تفسیراتِ ملتویة لإجبار العامة على الفهم الخاطىء للآیات ومحاولة البحث عن دلائل مؤیدة للنمو و الارتقاء  على الرغم من الوضوح التام لمعنى الآیات التی توضح هذه المسألةِ.

تُصرّحُ العدید مِنْ الآیات بأنّ کُلّ الناس ینْحَدر نسلهم مِنْ النبی آدم، علیه السلام. بینما القرآن یُخبرُنا:

"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِن بَنِی آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّکُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِینَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَکَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَکُنَّا ذُرِّیَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِکُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" ( سورة الأعراف ، الآیة 172- 173)
 
فآدم، علیه السلام، کَانَ أولَ من خلق الله من البشر و کذلک أول الرسل التی بعثها اللهِ للبشریة .
إنّ الآیات واضحة تماما فی هذه المسألةِ مما لا یجعل هناک حاجة لأیّ تعلیق.

وکُلّ ما یجب على الناسِ فعله هو قرَأة القرآنَ بقلب مخلص واتباع ما تملیه علیهم ضمائرِهم.
و سَیَکْشفُ الله الحقیقةَ إلى الذین یقَرأون الآیات بتلک النیةِ.

.7 عدم صحة کون تعبیر "آبَائِکُمُ الأْوَّلِینَ " المذَکورَ فی القرآنِ یُشیرُ إلی أسلاف تطوّریین

مسألة أخرى یُحاول التطوریون المسلمون تَصویرها على أنها دلیل على صحة إدّعاءاتِهم  و هی تعبیرُ " آبَائِکُمُ الأَْوَّلِینَ "، الذی یَظْهرُ فی عِدّة آیات.

طبقاً لتفسیرِهم الخاطئِ، یشیرُ هذا التعبیرِ مباشرة إلى أسلافِ الإنسانِ البدائیِ.
حجتهم الجوهریة بصدد هذا الادعاء هی ورود تعبیر " آبَائِکُمُ الأَْوَّلِینَ " فی القرآنِ  فی صیغة الجمعِ .
إثنان مِنْ الآیات موضع السّؤال تنصان على الآتی:

"قَالَ رَبُّکُمْ وَرَبُّ آبَائِکُمُ الأَْوَّلِینَ " (سورة الشعراء ، الآیة 26)
"لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ یُحْیِی وَیُمِیتُ رَبُّکُمْ وَرَبُّ آبَائِکُمُ الأْوَّلِینَ " (سورة الدخان ، الآیة 8)

على أیة حال، فهذا إدّعاء جائرلأن إستعمالَ الکلمةِ بصیغة الجمعِ شىء مألوف وبالتأکید لا یُمْکن أنْ یُستَعملَ کقاعدة للتفسیرِ التطوری.
یظهر هذا التعبیرِ فی العدید مِنْ الآیات الأخرى، من بینها الآیة 133 من سورة البقرة. هنا، تعبیر " آبَائِکُمُ الأَْوَّلِینَ " لا یُشیر إلى أیّ عملیة تطوّریة، بل إلى الأجیالِ السَابِقةِ. بالطّریقة نفسها، التعبیر " آبَائِکُمُ الأَْوَّلِینَ " فی صیغة الماضی ،  یُشیرُ إلى الأجیالِ الماضیةِ. فالتعبیر لاَ یَحْتملَ أی معنى تطوّریِ:

"أَمْ کُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ یَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِیهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِی قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَکَ وَإِلَـهَ آبَائِکَ إِبْرَاهِیمَ وَإِسْمَاعِیلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون" ( سورة البقرة ، الآیة 133)

8. الخطأ الخاص بشکل الخَلْقِ الإنسانیِ

"وَاللَّهُ أَنبَتَکُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ یُعِیدُکُمْ فِیهَا وَیُخْرِجُکُمْ إِخْرَاجًا " (سورة نوح ، الآیة 17-18)

یعتبرُ التطوریون المسلمون هذه الآیةِ أساسا حیویا یُمْکِنُ الاستناد إلیه لدعم وجههَ نظرهم.

والتعبیر "وَاللَّهُ أَنبَتَکُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا "یُقَدَّمُ کدلیل للتطورِ من المواد اللاعضویِة.

على أیة حال وکما هو مُشار إلیه بشکل واضح فی تفسیرِ الآیة ، فهذه الآیة إنما تظهرُ أن نشأة الإنسان الأولَى کانت مِنْ الأرضِ.
یقدم Hamdi Yazir نفس التفسیرِ: "لتفسیر هذه الآیة احتمالان . الأول هو أن هذه الآیة إشارة إلى أن الله قد خلق آدم من الأرض ثم أتبع ذلک تکاثر الجنس البشری بالشکل الذی نعرفه. والثانی ، هو أن الله قد خلق الجنس البشری جمیعه مِنْ الأرضِ ، و ذلک لأن اللهَ یَخْلقُنا مِنْ خلال عملیة الإنباتِ ، ومِنْ النباتاتِ ، ومِنْ الأرضِ"63

یفسرOmar Nasuhi Bilmen سورة نوح ، الآیات 17و18: "یأیها الناس ! فلیکن فی الاعتبار أن الله قد أخرجکم مِنْ الأرضِ کالنبات . بمعنى آخر ، "خَلقَ الله آدم ، أبا البشر، مِنْ الأرضِ ، أَو أن أصل الإنسان - الخلیة الأولى - أساسه النباتات وغیرها من المواد الغذائیة الأخرى التی تنْمو فی باطن الأرضِ. ثم هأنتم - أیها الناس - تنمون وتعِیشون . (ثمّ) یأیها الناس ، یعیدکم الله إلى الأرض مرة أخرى . بمعنى آخر : عندما تَمُوتُون ، سَتَعُودُون إلى الأرضِ وتُصبحون جزءَا من التربةِ. (و) ثمّ یوم القیامة یُخرجُکم الله من القبورِ للحساب . هذه حقائقَ"64

وتعلیق الإمامِ الطبری ینص على الآتی: " واللّهُ أنْبَتَکُم مِنَ الأرْض نَباتا یقول: والله أنشأکم من تراب الأرض, فخلقکم منه إنشاء ثُمّ یُعِیدُکُمْ فِیها یقول: ثم یعیدکم فی الأرض کما کنتم ترابا فیصیرکم کما کنتم من قبل أن یخلقکم ویُخْرِجُکُمْ إخْرَاجا یقول ویخرجکم منها إذا شاء أحیاء کما کنتم بشرا من قبل أن یعیدکم فیها, فیصیرکم ترابا إخراجا."65

کما رَأینَا مِنْ تفسیراتِ هؤلاء العلماءِ ، فهذه الآیةِ لا یمکن اتخاذها قاعدة للخَلْقِ التطوّریِ.

وما هو أکثر من ذلک، فإن إدّعاء التطورِ اللا عضویِ لَیْسَ لهُ قاعدةُ علمیةُ.

وفکرة أن مواد بلا حیاة یُمْکِنُ أَنْ تتحد بشکل ما لإنشاء حیاةِ ، فکرة غیرعلمیةُ و لَمْ تُؤکّدْ بأیّ تجربة أَوحتى بأیّ ملاحظة.

بل على العکس تماماً: فعالم الأحیاء الفرنسی لویس باستور (1822-1895) قد بین أنّ الحیاةِ لا یُمْکِنُ أَنْ تنشأ إلا مِنْ الحیاةِ.
هذا یؤکد على أنّ اللهَ قد خَلقَ کُلّ الکائنات الحیة بإرادته جل وعلا.

(لمزید من التفاصیلِ عن البراهینِ العلمیِة ومکرِ التطوریین  برجاء مراجعة " خدیعِة التطورَ" لهارون یحیى، طه للنشر، لندن، 1999 ، و "الدارونیة تدْحضُ" لهارون یحیى، للنشر Goodword ، نیودلهی، 2003)


9. عدم صحة کون القرآنَ یُشیرُ إلى الانتقاءِ الطبیعیِ

أحد إدّعاءاتِ التطورِ الأکثر أساسیة أنّه من الممکن اعتبارالانتخابِ الطبیعیِ قوةُ تطوّریةُ.

کما رَأینَا فی الفصولِ السابقةِ،  الانتخابِ الطبیعیِ إحدى خدع النمو و الارتقاء التی تَزْعمُ حتمیة البقاء للأقوى والفناء للأضعف بمرور الوقت.
إلا أن العِلْمَ الحدیثَ یؤکد على أنّ الانتخابِ الطبیعیِ لَیْسَ لهُ أی تأثیر تطوّری ولا یمکن أن یتسبّب فی  تَطور نوعِ معین من السلالات أو ظُهُور - نشأة - نوع آخر.

على أیة حال، فإن الدارونیین إنما یَختارونَ إهمال هذه الحقائقِ العلمیةِ بسبب اهتماماتهم ومیولهم المادیةِ، وکذلک التطوریین المسلمینِ. تَدْعمُ بَعْض الدوائرِ الإسلامیةِ هذه النظرة الدارونیة العقائدیة ، بل ویحاولون کذلک تَزویدها بدلائلِ قرآنیة محرفة تفاسیرها لإثبات صحتها .
على سبیل المثال:

"وَرَبُّکَ یَخْلُقُ مَا یَشَاء وَیَخْتَارُ مَا کَانَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا یُشْرِکُونَ" (سورة القصص ، الآیةِ 68)

وتَکْشفُ لنا هذه الآیةِ عن أولئک الذین سیهدیهم اللهِ إلى صراطه المستقیم وعن أولئک الأنبیاء الذین سَیصطفیهمُ رُسُلا ، وإنه لخطأ عظیم القَول بأن هذه الآیةِ تُشیرُ إلى الانتخابِ الطبیعیِ التطوّریِ.

یُتفقُ علماءُ القرآن بالإجماع على هذا التفسیرِ.

فعلى سبیل المثال، یَعْرضُ الإمامَ الطبری التعلیق التالی:"   یقول تعالـى ذکره: وَرَبّکَ یا مـحمد یَخْـلُقُ ما یَشاءُ أن یخـلقه, ویَخْتارُ لولایته الـخِیَرة من خـلقه, ومن سبقت له منه السعادة." 66

یَعْرضُ العالمُ الجلیلُ Omar Nasuhi Bilmen هذا التفسیرِ:"

فی تلک الآیاتِ الکریمة ،  یبین الله سبحانه وتعالى لعباده العدید من الأمور ، قدرته البدیعة على الخلق ، تفضیله واصطفاءه من خلقه من یشاء ، حکمته وقدرته ، وحدانیته ، کریم ثنائه وعظمته ، توجیهه الإلهی ، وأن جمیع خلقه سَیجمعونَ للقائه . بمعنى آخر ، لا أحد یقدر أَن یحول دون تَفْضیل واصطفاء اللهِ سبحانه وتعالى - بأی حال من الأحوال - لأی أحد من خلقه . فمهما کانت رغبة عبیده ، دون مشیئته ، فلا فعالیة لها . بکُلّ الإحترام المستحق، فالله غیر ملزوم بخَلْق ما یفضله ویستحسنه عبیده . فالله لا یُرسلُ أنبیاءه تبعا لما یفضله الناس الذین یرسل إلیهم هؤلاء الأنبیاء أو یرونه مناسبا ، بل تبعا لما یقدره ویختاره هو جل وعلا . فالله وحده یَعْرفُ من خلال أی الوسائل سیعم الخیر والرخاء . فالله أحد لا شریک له ، ولایمکن لأی شیء أن یکون دون أن یشاء الله ، ولا یمکن لمشیئة أی أحد من خلقه أن تتعارض مع مشیئته." 67

یُفسرُ  Hamdi Yazirالآیة کالتّالی:" إلهک یَخْلقُ ویصطفی ما یشاء . بمعنى آخر، فالله یَخْلقُ ما یشاء ویصطفی من خلقه من یشاء . فالله یَفْرضُ علی أولئک الذین یختار واجباتِ معینة کالنبوة وکالشفاعة . وأولئک الذین یصطفی لَیْسَ لهُمْ اختیار فی هذه المسألةِ. فهم لیس لهم الحق فی اختیار الشرکاء أوالشفعاءِ الآخرینِ ماعَدا أولئک الذین یَختارهم الله  . " 68

آیةِ أخرى یقدمها التطوریون المسلمون :

"الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأْرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِکَةِ رُسُلاً أُولِی أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ یَزِیدُ فِی الْخَلْقِ مَا یَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ " ( سورة فاطر ، الآیة 1)

یتخذُ مثل هؤلاء المسلمون هذه الآیة أعلاه دلیلا على النمو و الارتقاء.

على أیة حال، فحتى یصلوا بالآیة إلى هذا المعنى کان علیهم تحریف و تشویه المعنى الأصلی للآیة.
کما أن هذا المعنى الذی یدعونه یَتضاربُ تماما مع العقل والمنطقِ، حیث أن الآیة إنما تَتحدّثُ عن خَلْقِ الملائکةِ.

 یفسر الإمامُ الطبری الآیة کالتّالی:" وقوله: یَزِیدُ فِـی الـخَـلْقِ ما یَشاءُ وذلک زیادته تبـارک وتعالـى فـی خـلق هذا الـملک من الأجنـحة علـى الاَخر ما یشاء, ونقصانه عن الاَخر ما أحبّ, وکذلک ذلک فـی جمیع خـلقه یزید ما یشاء فـی خـلق ما شاء منه, وینقص ما شاء من خـلق ما شاء, له الـخـلق والأمر, وله القدرة والسلطان إنّ اللّهَ علـى کُلّ شَیْءٍ قَدِیرٌ"69

ویتفق تفسیر Omer Nasuhi Bilmen مع تفسیر الإمام الطبری حیث یقول : " إن لله القدرة والسلطان ؛ ولذلک فهو یتحکم فی خلق ملائکته کیفما شاء ، أجنحتهم وقدراتهم "70

10. عدم صحة استخدام القرآنِ کدلیل على التحول الخلقی10. عدم صحة استخدام القرآنِ کدلیل على التحول الخلقی

کما هو الحال بالنسبة للانتخابِ الطبیعیِ، یسیئُ التطوریون المسلمون فهم بعض آیات القرآن ویحرفونها عندما یتعلق الأمر بالتحول.
على أیة حال، فإنه لخطأ فظیع الإعتِقاد فی کون آلیة طبیعیة مثل التحول-  لَیْسَ لَها تأثیر إیجابی على الخلق بل هی آلیة تدمیریةَ- یُمکنُ أَنْ تَکُونَ دلیلاً على النمو و الارتقاء. 

لم یلاحظ لآلیة التحول أی تأثیرَ على الإطلاق.

(لمزید من التفاصیلِ عن البراهینِ العلمیِة ومکرِ التطوریین  برجاء مراجعة " خدیعِة التطورَ" لهارون یحیى، طه للنشر، لندن، 1999 ، و "الدارونیة تدْحضُ" لهارون یحیى، للنشر Goodword ، نیودلهی، 2003)

الشیء المهم فی هذا المقام هوالدلیلُ الذی یحاول التطوریون المسلمون الذین یَعتقدُون بأنّ التحول آلیة تؤدی إلى التطورِ إیجاده مِنْ خلال القرآنِ.
فهم یحرفونَ بَعْض الآیات بالکامل بعیداً عن معناها الفعلیِ.
ومن الآیات موضع السّؤال:

"وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَکَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِیًّا وَلاَ یَرْجِعُونَ" ( سورة یس، الآیة 67)

"وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَواْ مِنکُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ کُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِینَ" (سورة البقرة ، الآیة 2)

"فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ کُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِینَ " (سورة الأعراف ، الآیة 166)

"قُلْ هَلْ أُنَبِّئُکُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِکَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَیْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِیرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِکَ شَرٌّ مَّکَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِیلِ "
(سورة المائدة  ، الآیة60)

"فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ ثُعْبَانٌ مُّبِینٌ " (سورة الأعراف ، الآیة 107)

ومالم یَعتقد المرء فی ضرورة تحریف معانی هذه الآیات لإیجاد بعض الأدلة على النمو و الارتقاء من القرآن، فإنه من المستحیل اعتبارهذه الآیات دلیلا على النمو و الارتقاء .

تَتحدث الآیاتُ الأربعة الأولى عن إعجازالله فی تغییّرُ أجسامَ الکائنات الحیّةِ.

والآیة الخامسة لیس موضوعها الحیاة من الأساس ، مما یَجْعل من المستحیل تقبل فکرة أن تکون هذه الآیة دلالة على التحول .

تصویر المسلمین التطوریین هذه الآیات کدلیل على النمو و الارتقاء و التطورِ إنما یظهر مدى کون نظریة النمو و الارتقاء فاسدة، ومشوهة ، وغیر إسلامیة فی حقیقة الأمر.

11. عدم صحة احتواء القرآنِ على دلائل تثبت وجود نسب ما بین الإنسانِ والقرد

 آیةِ واحد هی التی تُفسر فی أغلب الأحیان بشکل خاطئ أثناء النِقاشِ حول التطورِ، و الآیة المشار إلیها والتی یفسرها البَعْض على أنها إشارة إلى تلک النظریةِ - النمو و الارتقاء -  هی الآیةُِ التی تخص مجموعة الیهود الذین أحالهم اللهِ إلى قردة:

"وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِینَ اعْتَدَواْ مِنکُمْ فِی السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ کُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِینَ * فَجَعَلْنَاهَا نَکَالاً لِّمَا بَیْنَ یَدَیْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِینَ" (سورة البقرة ، الآیة 65-66)

وهذه الآیة لا یُمْکن أنْ تُفسّر بأسلوبِ یوازی نظریة النمو و الارتقاء ویدعمها ، وذلک للأسباب التالیة:

1) العقاب المذکور قَدْ یَکُونُ عقابا روحیا.
بمعنى آخر، فمن المحتملُ أن الیهود موضع السّؤال قد قُورنوا بالقرودِ من حیث الشخصیة ولَیسَ المظهرالجسدی الفعلیِ.

2) إذا کان العقابِ موضع السّؤال عقابا جسدیاً، فإنها معجزة لا تتبع قوانینِ الطبیعةِ. نحن نَتحدّثُ هنا عن معجزة إلهیة خارقة مفاجئة تمت بإرادة اللهِ  , أی أنها عملیة خَلْق واع لا مجال فیه للتحول.

یَقترحُ التطورَ بأنّ الأنواع والسلالات المختلفة قد تَحوّلت من بعضها البعض على مر ملایینِ السَنَواتِ، بِمحض الصُّدفَة ومن خلال مراحلِ متتابعة.

لهذا السبب، فهذا التفسیر القرآنی لَیْسَ لهُ علاقة بالسیناریو المقدّم مِن قِبل أولئک الذین یَدْعمونَ التطورَ.
وفی حقیقة الأمر، فالآیةِ التی تلیها تقول: " فَجَعَلْنَاهَا نَکَالاً لِّمَا بَیْنَ یَدَیْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِینَ "
وهذه الآیةِ تُشیرُ إلى أنّ الناسَ - من الیهود - موضع السّؤال قد تُحوّلوا إلى القرودِ کتحذیر إلى أولئک الذین سَیَجیئونَ لاحقاً.

3)أن هذا العقابِ قد حَدثَ بالفعل ولکن لمرّة واحدة فقط ، أی لم یتکرر ثانیة ، واقتصر على مجموعة محدودة و محددة مِنْ الناسِ، بینما نظریة النمو و الارتقاء تُقدّمُ سیناریوآخر، وهو غیر منطقیَ وغیراعلمیَ، وینص على أن تلک القرودِ ینتسب إلیها کُل بنی البشر.

4) تَقُولُ الآیةَِ بأنّ البشرِ تُحوّلوا إلى قرودِ؛ و لیس العکس کما تدعی نظریةِ النمو و الارتقاء .

5 )"قُلْ هَلْ أُنَبِّئُکُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِکَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَیْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِیرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِکَ شَرٌّ مَّکَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِیلِ " (سورة المائدة  ، الآیة60)

ونص الآیة یبین العلاقة ما بین هذه المجموعة من الیهود- الذین باؤوا بغضبَ من اللهِ - وبین إحالتهم إلى قردة وخنازیرِ.
وفی هذه الحالةِ، فإذا ما طبقنا هذا المنطق الخاطئ الذی قد تناولناه من خلال أقسام هذا الکتابِ المختلفة على هذه الآیة لأمکن القول بوجود علاقة نسب لَیسَ فقط بین البشرِ والقرودِ بل بین البشرِ والخنازیرِ کذلک! و هذا استنتاج غیر واقعی بالمرة ، فحتى النشؤیون أنفسهم لم یَدّعوا بأنّ هناک مثل هذا النسبِ بین البشرِ والخنازیرِ.

کما رَأینَا حتى الآن، فالإدّعاء بأنّ بَعْض الآیاتِ تُشیرُ إلى التطورِ خطأُ لیس فقط یتناقضُ مع القرآن بل مع أطروحات - افتراضات - نظریةِ النمو و الارتقاء نفسها.




43. Ebus Suud was an Ottoman sheikhulislam and scholar who lived between 1492 or 3-1574 or 5.

44. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 6, p. 2631
45. Omar Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 8, p. 3851
46. Hamdi Yazir of Elmali, http://www.kuranikerim.com/telmalili/insandehr.htm
47. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 8, p. 3851
48. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 6, p. 2684
49. Hamdi Yazir of Elmali, http://www.kuranikerim.com/telmalili/insandehr.htm
50. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 6, p. 2684
51. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 8, p. 3915
52. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 3, p. 1268
53. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 4, p. 1958
54. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 4, p. 1991
55. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 6, p. 2763
56. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 4, p. 1991
57. Hamdi Yazir of Elmali, http://www.kuranikerim.com/telmalili/infitar.htm
58. Hamdi Yazir of Elmali, http://www.kuranikerim.com/telmalili/infitar.htm
59. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 8, p. 3983
60. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 6, p. 2748
61. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 4, p. 1796
62. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, p. 2764
63. Hamdi Yazir of Elmali, http://www.kuranikerim.com/telmalili/nuh.htm
64. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 8, p. 3851

69. Imam at-Tabari, Tabari Commentary, vol. 4, p. 1877

70. Omer Nasuhi Bilmen, Turkish Edition of and Commentary on the Qur'an, vol. 6, p. 2882
نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد