الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

الإسلام العربی

دعوة إلی الحقیقة

مقدمة

مقدمة

إن العدید من المفاهیم لتتبادر إلى الذهن عندما تذکر نظریة داروین للنشوء. فهناک بعض الناس ممن یؤمنون بالمذهب المادى یعتقدون فى کون هذه النظریة حقیقة علمیة مثبتة، بل و یؤیدونها بقوة و کذلک یعارضون کل الأفکار التى تعارضها و بنفس القوة.

و فى الوقت ذاته فهناک مجموعة أخرى من الناس ممن لا تتعدى معرفتهم بهذه النظریة و ما تدّعیه من خرافات کونها معرفة سطحیة، فهم غیر مهتمین بها على الإطلاق، و یرجع ذلک إلى قلة معرفتهم بها، و کذلک لعدم إدراکهم لمدى الأذى الذى تسببت هذه النظریة فى حدوثه للبشریة على مدى القرن و نصف القرن الماضیین.

فهم لا یرون فى کیفیة فرض هذه النظریة على العامة أیة مشکلة، بغض النظر عن عدم صحتها على الإطلاق بجمیع المقاییس، لا سیما العلمیة، و لعل ذلک راجع إلى عدم مبالاتهم بمثل هذه الأمور.


و حتى و إن کانوا یعلمون أن هذه النظریة قد فقدت کل المصداقیة العلمیة، إلا أنهم لا یستطیعون أن یولوا أولئک الذین یعتقدون فى أهمیتها أدنى اهتمام، فهم أنفسهم لا یعتقدون فى أهمیتها.

فمن وجهة نظر هؤلاء، یعتبر تفسیر عدم صحة هذه النظریة، أو نشر الکتب أو عقد المؤتمرات، شیئا ثانویا لا ضرورة ولا حاجة له، فهم یرون أنها نظریة قدیمة قدم الأزل.

و هناک کذلک مجموعة ثالثة من الناس، تختلف عما سبقها، فهذه المجموعة قد تأثرت بالفعل بهذه النظریة بشکل سلبى - إن صح القول - ، فلقد خدعتهم الدعایة الکاذبة التى یتباناها أصحاب المذهب المادى، حتى أنهم قد اطمأنوا إلى صحة هذه النظریة، و اعتبروها حقیقة علمیة ثابتة، و لیس هذا فحسب، فهم یحاولون أیضا إیجاد علاقة ما بین هذه النظریة الملحدة فى ذاتها، و ما بین الإیمان بنظریة خلق الله سبحانه و تعالى لهذا الکون.
و فى حقیقة الأمر، فإن کل ما سبق عرضه فى السطور القلیلة السابقة لا یمت إلى الصواب بأى صلة، فنظریة النشوء هذه لیست بحقیقة علمیة مثبتة، و لیست أمرا یمکن التهاون فى التعامل معه لعدم أهمیته، و لیست کذلک ذات أیة صلة بالعقیدة أو الدین.

فمن خلال هذا الکتاب، سنرى ما تحتویه أیدیولوجیة هذه النظریة من فکر غیردینی ، یؤدى بدوره إلى تفشى الإلحاد وإنکار وجود الله جل وعلا.
فهذه الأیدیولوجیة تعمل بدورها عندئذ على توطید هذا الفکر الإلحادى بمجرد تفشیه.

فأصحاب المذهب المادى یعدون الدعامة الأساسیة لهذه النظریة التى تؤمن و تضمن لهذه النظریة البقاء و ذلک عن طریق الدفاع – عن اقتناع – و بکل قوة عن مبادئها.

فنظریة داروین، و بکل تأکید، مبنیة على الأیدیولوجیة و الفلسفة المادیة دون غیرها.

فمنذ اللحظة الأولى لولادة هذه النظریة على ید تشارلز داروین (1882 – 1809) و إلى یومنا هذا، فإنها لم تقدم للبشریة سوى النزاعات الفکریة، و صور الاستغلال المختلفة، و الحروب، بل و کذلک تسببت فى انحطاط الفکر و الأخلاق.

فمن ثمَ، و بناء على ما سبق من المعطیات، ظهرت الحاجة الملحة للمعرفة السلیمة ذات الأساس الصلب لما تدعو إلیه هذه النظریة، و ذلک بهدف التصدى لهذه الخرافات التى تروج لها نظریة داروین، و حتى یکون هذا التصدى فعالا على مختلف المستویات، سواء أکان فکریا أو غیر ذلک.
یقوم هذا الکتاب بالرد على الأخطاء التى تنتسب إلى الذین یؤمنون بصحة هذه النظریة و ذلک من وجهة نظر مختلفة تماما عما سبقها من قبل.
حیث أن هذا الکتاب یقوم بالرد على أولئک المسلمین الذین یحاولون إیجاد عامل مشترک ما بین نظریة النشوء و نظریة خلق الله سبحانه و تعالى للکون، و کذلک أولئک الذین یحاولون إثبات صحة هذه النظریة استنادا للقران. فالهدف لیس توجیه أصابع الاتهام للمسلمین المادیین، و کذلک لیس الهدف منه الانتقاد اللاذع لإخواننا المسلمین، و إنما الهدف الحقیقى من وراء هذا الکتاب هو التوضیح، و الشرح لمدىالخطأ الذى یرتکبه أی مسلم بإیمانه بهذه النظریة، و کذلک تقدیم المعونة لهؤلاء المسلمین على المستوى الفکرى، و لکى یصبح و بعون الله وسیلة لتبنى وجهة نظر أکثر صحة تجاه هذا الموضوع الذى یختلط على بعض المسلمین خاصة و الناس عامة نتیجة ما قد سبق سرده من أسباب واهیة فى حقیقة أمرها، و إن بدت فى ظاهرها واقعیة مقنعة.

و حتى یکون بالإمکان التأکید على مدى الخطأ الذى قد یقع فیه بعض المسلمین بالاستهانة بهذه النظریة، و اعتقاد البعض منهم بعدم الحاجة إلى شن حرب لمکافحة هذه النظریة، وسیتم نقاش حقیقتین أخرتین فى هذا الکتاب فضلا عما سبق الإشارة إلیه من أسباب دعت إلى ظهور الحاجة إلى مثل هذا الکتاب.

 و الحقیقة الأولى هى أن نظریة داروین للنشوء تفتقد إلى أى أساس علمى مؤید لها، و الحقیقة الثانیة هى أن الهدف الحقیقى لمؤیدى هذه النظریة هومحاربة الدین.

فعلى المؤمنین حقا أن یتجنبوا الدفاع عن هذه النظریة و کذلک عن المعنى الذى یدعو إلیه مذهبها الفکرى

-أیدولوجیتها- حیث أن کلیهما إنما یتناقض مع الحقائق التى یدعوالإسلام إلى تبنیها. فبعض الذین یدافعون عن هذه النظریة إنما یدافعون عن جهل ، جهل بما سببته هذه النظریة للبشریة من دمار، و ذلک بدعوتها إلى إنکار حقیقة الخلق، کما أن المؤیدین لهذه النظریة ما هم إلا کارهون لهذا الدین الحنیف.

 و من ثم، فعلى المسلمین الذین لا تتعدى معرفتهم بهذه النظریة کونها معرفة طفیفة، أن یتجنبوا الخوض فیها بغیر علم، و ذلک اتباعا لقول الله تعالى فى القرآن العظیم:

"وَلاَ تَقْفُ مَا لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ کُلُّ أُولـئِکَ کَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" ( سورة الإسراء ، الآیة 17)

 و بناء على ذلک فإن السلوک النموذجى لأى مسلم تجاه هذا الموضوع هو ضرورة  البحث بکل صدق و اخلاص وتمحیص ، ولیس هذا فحسب بل یجب علیه أیضا التصرف بناء على إدراکه أنه طبقا لقول الله تعالى:

"وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِکَ تَحَرَّوْا رَشَدًا" (سورة الجن ، الآیة 14)

فمن تفسیر ما تأمرنا به هذه الآیة الأخیرة، یتبین لنا أنه یجب على أولئک المسلمین ممن یؤمنون بصحة هذه النظریة، أن یتحروا الصدق قبل اتخاذهم هذا القرار الخطیر و الخاطئ فى الوقت ذاته، فعلیهم أن یبحثوا و بکل عمق فى هذا الصدد، و أن یتخذوا قرارهم بناء على ما تملیه علیهم ضمائرهم.

فإن هذا الکتاب ما هو إلا مصباح ینیر لهم هذا الطریق، داعین الله العون و الهدایة.

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد